ثم قوله: «لا ينبغي الحمل عليه لمنافاته للعقل والنقل» محل نظر، إذ لا أعرف دليلا عقليا ولا نقليا يدل على ما ذكره حتى يقع الحاجة إلى التأويل أو الحمل على التقية، إذ ذلك من غير ضرورة غير سائغ، ودعوى الاتفاق الذي ذكره غير ظاهر.
وذكر أيضا أنه ليس بمعلوم أن المصدق المذكور في الحديث من قبل الجائر الظالم، فيحمل على كونه من قبل العدل، لما تقدم، على أنه قد يكون المراد بجوازه حيث كان المبيع مال المشتري، فإنه قال: يأخذ صدقات أغنامنا ولم يصر متعينا للزكاة، لأخذه ظلما، فيكون الشراء استنقاذا لا شراء حقيقة، ويكون الغرض من قوله: «إن كان... إلخ» بيان شرط الشراء وهو التعيين، ويعلم منه الكلام في قوله:
فما ترى في الحنطة... الخ.
وفيه نظر، فإن وقوع المصدق في زمان الأئمة (عليهم السلام) من قبل الإمام العادل أو المأذون من قبله أو عادل يأخذ ويجمع الزكاة حسبة بعيد جدا، وكون الشراء استنقاذا لا بيعا حقيقة بعيد جدا مع الشرط الذي ذكره (عليه السلام)، وحمل الشرط على ما ذكره القائل بعيد جدا.
ثم قال: ويمكن عدم الصحة أيضا، لاحتمال أن يكون أبو عبيدة غير الحذاء.
وبالجملة ليست هذه مما يصلح أن يستدل بها على المطلوب، بل شراء الزكاة أيضا، لما عرفت من أنها مخالفة للعقل والنقل، مع عدم الصراحة واحتمال التقية، وعلى تقدير دلالتها على جواز الشراء من الزكاة فلا يمكن أن يقاس عليه جواز الشراء من المقاسمة، وعلى تقديره أيضا لا يمكن أن يقاس عليه جواز قبول هبتها وسائر التصرفات فيها مطلقا كما هو المدعى، إذ قد يكون ذلك مخصوصا بالشراء بعد القبض لسبب ما نعرفه كسائر الأحكام الشرعية، ألا ترى أن أخذ الزكاة لا يجوز منهم مطلقا ويجوز شراؤها عنهم، ويؤيده أنه لما وصل العوض إلى السلطان الجائر يكون في ذمته عوض بيت المال، بخلاف ما لم يكن له عوض، فإنه يصير كالتضييع (1) انتهى.