بعض الأصحاب في تحققها اتفاق السلطان والعمال على القدر، وهو بعيد الوقوع والوجه، وكما يجوز ابتياعه واستيهابه يجوز سائر المعاوضات ولا يجوز تناوله بغير إذن الجائر، ولا يشترط قبض الجائر له وإن أفهمه قوله «ما يأخذه» فلو أحاله به أو وكله في قبضه أو باعه وهو في يد المالك أو ذمته حيث يصح البيع كفى ووجب على المالك الدفع، وكذا القول فيما يأخذه باسم الزكاة، ولا يختص ذلك بالأنعام كما أفادته العبارة، بل حكم زكاة الغلات والأموال كذلك، لكن يشترط هنا أن لا يأخذ الجائر زيادة عن الواجب شرعا في مذهبه، وأن يكون صرفه لها على وجهها المعتبر عندهم بحيث لا يعد عندهم غاصبا، إذ يمتنع الأخذ منه عندهم أيضا، ويحتمل الجواز مطلقا، نظرا إلى إطلاق النص والفتوى، ويجيء مثله في المقاسمة والخراج، لأن مصرفهما مصرف بيت المال وله أرباب مخصوصون عندهم أيضا، وهل تبرأ ذمة المالك من إخراج الزكاة مرة اخرى؟ يحتمله، كما في الخراج والمقاسمة، مع أن حق الأرض واجب لمستحق مخصوص، والتعليل بكون دفع ذلك حقا واجبا عليه، وعدمه، لأن الجائر ليس من باب المستحقين فيتعذر النية ولا يصح الإخراج بدونها.
وعلى الأول تعتبر النية عند الدفع إليه كما يعتبر في سائر الزكوات، والأقوى عدم الاجتزاء بذلك، بل غايته سقوط الزكاة عما يأخذه إذا لم يفرط فيه، ووجوب دفعه إليه أعم من كونه على وجه الزكاة أو المضي معهم في أحكامهم والتحرز عن الضرر بمباينتهم، ولو أقطع الجائر أرضا مما يقسم أو يخرج، أو عاوض عليها فهو تسليط منه عليهما، فيجوز للمقطع والمعاوض أخذهما من الزارع والمالك، كما يجوز إحالته عليه.
قال: والظاهر أن الحكم مختص بالجائر المخالف للحق نظرا إلى معتقده من استحقاقه ذلك عندهم، فلو كان مؤمنا لم يحل أخذ ما يأخذه منهما، لاعترافه بكونه ظالما فيه وإنما المرجع حينئذ إلى رأي الحاكم الشرعي، مع احتمال الجواز مطلقا، نظرا إلى إطلاق النص والفتوى ووجه التقييد أصالة المنع إلا ما أخرجه