يكن عليها يد فقضية كلام الأصحاب توقف جواز التصرف فيها على إذنه، حيث حكموا بأن الخراج والمقاسمة منوطان برأيه وهما كالعوض من التصرف، وإذا كان العوض منوطا برأيه كان المعوض كذلك، ويحتمل جواز التصرف مطلقا (1).
وقال آخر من الأصحاب: هذا مع ظهوره (عليه السلام) وبسط يده، أما مع غيبته كهذا الزمان فكل أرض يدعي أحد ملكها بشراء أو إرث ونحوهما ولا يعلم فساد دعواه يقر في يده كذلك، لجواز صدقه، وحملا لتصرفه على الصحة، فإن الأرض المذكورة يمكن تملكها بوجوه منها: إحياؤها ميتة. ومنها: بيعها تبعا لأثر التصرف فيها من بناء وغرس ونحوهما كما سيأتي.
وما لا يد عليه مملكة لأحد فهو للمسلمين قاطبة، إلا أن ما يتولاه الجائر من مقاسمتها وخراجها يجوز لنا تناوله منه بالشراء وغيره من الأسباب المملكة بإذن أئمتنا (عليهم السلام) لنا في ذلك، وقد ذكر الأصحاب أنه لا يجوز لأحد جحدهما ولا منعهما ولا التصرف فيهما إلا بإذنه، بل ادعى بعضهم الاتفاق عليه. وهل يتوقف التصرف في هذا القسم منها على إذن الحاكم الشرعي إن كان متمكنا من صرفها في وجهها بناء على كونه نائبا من المستحق (عليه السلام) ومفوضا إليه ما هو أعظم من ذلك؟ الظاهر ذلك، وحينئذ فيجب عليه صرف حاصلها في مصالح المسلمين، ومع عدم التمكن أمرها إلى الجائر. وأما جواز التصرف فيها كيف اتفق لكل أحد من المسلمين فبعيد جدا، بل لم أقف على قائل به، لأن المسلمين بين قائل بأولوية الجائر وتوقف التصرف على إذنه، وبين مفوض للأمر إلى الإمام العادل (عليه السلام)، فمع غيبته يرجع الأمر إلى نائبه، فالتصرف بدونهما لا دليل عليه (2). انتهى.
وما ذكر من جواز تناول ما يتولاه الجائر من الخراج والمقاسمة صحيح في نظري لو كان الآخذ محتاجا إليه، أو يكون من مصالح المسلمين كالغازي والقاضي بالحق والأئمة وأهل الدين، وما اسند إلى الأصحاب من عدم جواز الجحد والمنع والتصرف فيهما إلا بإذنه محل تأمل، إذ لا أعلم حجة واضحة عليه،