تنبيه ومنشأ الاضمار في كثير من الاخبار هو أن أصحاب الأصول لما كان من عادتهم أن يقول أحدهم في أول الكلام: سألت فلانا، ويسمي الامام الذي روى عنه، ثم يقول: وسألته، أو نحو ذلك، حتى ينهي الاخبار التي رواها، كما يشهد به ملاحظة بعض الأصول الموجودة، ككتاب علي بن جعفر، وكتاب قرب الإسناد، وغيرهما، وكان ما رواه عن ذلك الامام أحكاما مختلفة، والمشايخ الثلاثة رضي الله عنهم (عندما) بوبوا الاخبار ورتبوها اقتطعوا كل حكم من تلك الأحكام، ووضعوه في بابه بصورة ما هو مذكور في الأصل المنتزع منه. ومنه وقع الاشتباه على الناظر الغير الخبير.
ومنها:
(الثالث: العالي) إذا كان الحديث (قصير السلسلة) يسمى (عالي) السند.
قال بعض العلماء (1): إن الاسناد من خواص هذه الأمة.
قالوا: وطلب العلو فيه سنة مؤكدة، وهو مما عظمت رغبة المتقدمين والمتأخرين فيه، لأنه أقل كلفا، وأبعد عن الخطأ، وأقرب إلى الصحة، لأنه إذا طال السند كثرت مظان التحذير، وإذا قل قلت، إلا أن يكون في النزول مزية ليست في العلو، كأن يكون رجاله أوثق منه، أو أحفظ، أو أفقه، أو الاتصال فيه أظهر، فيكون النزول حينئذ أولى.
وأما ما قيل من أن في النزول كثرة البحث، وذلك يقتضى بالمشقة، وذلك مفتاح تزايد الفيض وتضاعف الاجر، فالنزول مطلقا أرجح، فقد رجح بأمر وحشي وأجنبي عما يتعلق بهذا الفن كما قيل.