ويدخل في المتابعة والاستشهاد رواية من لا يحتج به ولا يصلح لذلك. كل ضعيف.
هذا، وقد يقال: إن المتابعة على مراتب:
فإن حصلت للراوي وحده نفسه، فهي التامة.
وإن حصلت لشيخه فمن فوقه، فهي القاصرة، ويستفاد منها التقوية.
وقد خص قوم المتابعة بما حصل باللفظ سواء كان من رواية ذلك الصحابي أو لا.
والشاهد بما حصل بالمعنى كذلك.
وقد تطلق المتابعة على الشاهد وبالعكس.
ثم إن تتبع الطرق من الجوامع (أي الكتب التي جمع فيها الأحاديث على ترتيب أبواب الفقه)، ومن المسانيد (أي الكتب التي جمع فيها مسند كل صحابي على حدة)، ومن الاجزاء (أي ما دون فيه حديث شخص واحد)، أي تتبع هذه الأمور لذلك الحديث الذي يظن أنه فرد، ليعلم هل له متابع أم لا، هذا هو الاعتبار.
ولا يخفى عليك أن ما في هذا الكلام ينافي من وجه ما نقلناه عن جمع من فضلاء العامة، فإن كلامهم ظاهر بل صريح في أن الاعتبار قسيم للمتابعات والشواهد، وهذا يعطي أن الامر ليس كذلك بل أن الاعتبار هو حينئذ التوصل إلى المتابعات والشواهد.
وربما قال أصحابنا عند روايتهم عن فاسد العقيدة: (إن كتبه ورواياته معلومة الصحة: لأنه أخذها من الكتب المعتبرة والأصول المعول عليها)، وعلمنا ذلك بعرض كتبه ورواياته موقوف على عرضها على تلك الكتب المعتبرة، فما الوجه والحاجة إلى الرواية عنه وعدم أخذها من تلك الأصول؟
لأنا نقول: مجرد صحة نسبة الأصل إلى صاحبه لا يكفي عندهم في النقل عنه، لأنها الوجادة حينئذ التي يضعف عاملها، كما يظهر لك ذلك مما ذكروه في ترجمة محمد بن سنان (1).
ولا يلزم أن يكون لكل من عنده أصل أو كتاب طريق إلى صاحبه، فقد لا يكون له، فيجوز أن نأخذ الحديث من أصل هذا الراوي الضعيف بعد العرض والمطابقة للأصول