(ثانيا) وباستقرار عمل الأصحاب على النقل من الكتب المعلومة الانتساب إلى مؤلفيها من غير نظر منهم في رجال السند إليها، ولا تمهيد لبيان المشيخة الواقعة بين الناقل وبينها، وبخصوص الحديث الذي رواه في الكافي في الصحيح عن محمد بن الحسن بن أبي خالد قال: قلت لأبي جعفر (1) الثاني عليه السلام: جعلت فداك إن مشايخنا رووا عن أبي جعفر عليه السلام، وأبي عبد الله عليه السلام، وكانت التقية شديدة فكتموا كتبهم، فلم ترو عنهم، فلما ماتوا صارت الكتب إلينا. فقال:
(حدثوا بها فإنها حق) (2).
وفي الموثق كالصحيح عن عبيد بن زرارة (3) قال:
قال لي (4) أبو عبد الله عليه السلام:
(اكتب وبث علمك في إخوانك، فإن مت فأورث كتبك بينك، فإنه يأتي على الناس زمان هرج لا يأنسون (5) فيه إلا بكتبهم).
بل قال بعضهم: إن هذا الخبر كما يظهر من عمومه العمل بالوجادة يدل على رجحان الكتابة والنقل، إما على الوجوب كما هو الظاهر من الامر أو على الاستحباب على احتمال.
ونقل جدي في الدراية عن الشافعي وأصحابه جواز العمل بها، ووجهوه (بأنه لو توقف العمل فيها على الرواية، لا نسد باب العمل بالمنقول، لتعذر شرط الرواية فيها) (6).
وهو حسن.
(وحجة المانع واضحة حيث لم يحدث به لفظا ولا معنى) (7).