رجوعهم إلى الحق في وقت من الأوقات أصلا، والأصحاب يعتمدون عليهم، ويقبلون أحاديثهم، كما قبلوا حديث علي بن محمد بن رباح (1)، وقالوا: إنه صحيح الرواية، ثبت، معتمد على ما يرويه (2). وكما قبل المحقق في المعتبر رواية علي بن أبي حمزة عن الصادق عليه السلام، معللا ذلك بأن (3) تغيره إنما كان في زمان الكاظم عليه السلام، فلا يقدح فيما قبله. وكما حكم العلامة في المنتهى (4) بصحة حديث إسحاق بن جرير (5). وهؤلاء الثلاثة من رؤساء الواقفة.
قلت: المستفاد من تصفح كتب العلماء المؤلفة في السير والجرح والتعديل إن أصحابنا الإمامية رضي الله عنهم كان اجتنابهم عن مخالطة من كان من الشيعة على الحق أولا ثم أنكر إمامة بعض الأئمة في أقصى المراتب، وكانوا يتحرزون عن مجالستهم، والتكلم معهم، فضلا عن أخذ الحديث عنهم بل كان تظاهرهم (6) بالعداوة (7) لهم أشد من تظاهرهم بها للعامة، فإنهم كانوا يتقون العامة، ويجالسونهم، وينقلون عنهم، ويظهرون لهم أنهم منهم، خوفا من شوكتهم، لان حكام الضلال منهم.
وأما هؤلاء المخذولون، فلم يكن لأصحابنا الامامية ضرورة داعية إلى أن يسلكوا معهم على ذلك المنوال، وسيما الواقفية، فإن الامامية كانوا في غاية الاجتناب لهم، والتباعد عنهم (8) حتى إنهم كانوا ليسمونهم بالممطورة، أي الكلاب التي أصابها المطر.
وأئمتنا لم يزالوا ينهون شيعتهم عن مخالطتهم ومجالستهم، ويأمرونهم بالدعاء عليهم