وما ضعفوه أو قدحوه حكموا بضعفه وقدحه، وما لم يتعرضوا له بمدح ولا قدح حسبوه في عداد المجاهيل وعدوا الرواية بمكانه (1) مجهولة، وأسقطوها عن درجة (2) الاعتبار، إلا أن ينضم إليها ما يقويها، (3) وعلى هذا بنى (4) المجلسي رحمه الله أمره في الوجيزة.
وأصحاب التحقيق، إن عد الرجل في جملة أصحاب الأئمة عليهم السلام، والرواة عنهم وحملة أخبارهم، مما يدل على كونه إماميا ويفيده نوعا من المدح.
أما الأول: فلما مر في أول الفائدة، من جريان عادة أهل الرجال على عدم التعرض لبيان مذهب الراوي إذا لم يعرف منه إلا المذهب إلا أن يكون محل ريبة، وأنهم متى عثروا منه على وصمة، أو انحراف نادوا عليه بذلك، وشهروه ليعرف، وخاصة في الأصول الأربعة.
أتراهم جهلوا حال كل مسكوت عنه، ونحن نعلم فيما لا يحصى أنهم إماميون.
وأما الثاني: فلا ريب إن انضمام الرجل إلى حملة الشريعة وعلمائها فضلا عن الأئمة عليهم السلام وتناوله منهم وروايته عنهم، مما يدل على حسن حاله، بل ربما جعل ذلك طريقا إلى تعرف العدالة، فما ظنك بأصحاب الأئمة عليهم السلام ورواتهم وخاصة إذا بلغت بهم المحافظة على أحكام الشريعة، وما يتلقونه عن أربابها إلى تأليف الكتب وجمع الصحف، حتى صارت دفاترهم مرجعا للعلماء، يتدارسونها مدى الأيام.
وقد أشار المفيد رحمه الله إلى مثل هذا في الرسالة التي عملها في أمر شهر رمضان ردا على الصدوق رحمه الله عند ذكر الرواة ومدحهم حيث قال:
(وهم أصحاب الأصول المدونة).
فإن عد في العلماء وتلقى العلماء عنه سيما الاجلاء، وبذل الجهد، وتحمل المشاق ومقاسات مرارة (5) التقية في التحصيل، وشد الرحال إلى أرباب العلم في أطراف البلاد، وجمع الكتب في أسمائهم وأحوالهم، وهي كتب المشيخة، كما وقع لداود بن كورة وغيره،