لكن الله تعالى (1) جعل مخالطة المريض بها للصحيح سببا لأعدائه مرضه (3)، ثم قد يتخلف ذلك عن سببه، كما في غيره من (3) الأسباب).
كذا جمع بينهما ابن الصلاح (4) تبعا لغيره، والأولى في الجمع بينهما أن يقال:
إن نفيه صلى الله (5) عليه وسلم (لا عدوى) (6) باق على عمومه، وقد صح قوله صلى الله عليه وسلم (لا يعدي شئ شيئا)، وقوله صلى الله عليه وسلم لمن عارضه بأن البعير الأجرب يكون في الإبل الصحيحة فيخالطها فيجربه (7) حيث رد عليه بقوله: (فمن أعدى الأول)، يعني إن الله تعالى ابتدأ ذلك في الثاني كما ابتدأه (8) في الأول.
وأما الامر بالفرار من المجذوم فمن باب سد الذرايع والوسائل (9) لئلا يتفق للشخص الذي يخالطه شئ من ذلك بتقدير الله تعالى ابتداء لا بالعدوى المنفية، فيظن أن ذلك بسبب مخالطته، فيعتقد صحة العدوي فيقع في الحرج (10)، فأمر بتجنبه حسما (11) للمادة (12).
هذا وأنت خبير بما فيه من عدم الاستقامة، لان احتجاجه على مطلبه بقوله: (وقد صح قوله عليه السلام لا يعدي شئ شيئا) من جملة المصادرة، إذ ما في الحديث - أيضا - محتمل أن يكون المراد منه عدم العدوي بالطبع.
ثم إن ما ذكره في قصة الامر بالفرار من المجذوم فهو أيضا مما ركاكته ظاهرة، لأنه لا يكون حينئذ وجه لتخصيص المجذوم بالذكر في الحديث.
وكيف كان، فمقتضى التحقيق أن العدوي المنفية هي عدوى الطبع، أي ما كان يعتقده