كما قررناه سابقا ولا ريب أن الاجماع إنما وقع على الاشتراط في حالة الحضور لا الغيبة فإنه نفس المتنازع بل الأكثر على عدم الاشتراط فتحرر من ذلك أن لا دليل على الاشتراط في حالة الغيبة يجب المصير إليه فإن قيل هذا غير مطابق لما احتج به الشهيد رحمه الله في الذكرى فإنه اعتمد على أن الاذن إنما يعتبر مع الامكان لا مع التعذر وهو راجع إلى ما أوردناه في السؤال وما ذكرتم يقتضى منع الاشتراط مطلقا بل في حال الحضور قلت مؤدى الجوابين واحد عند التأمل وإن اختلفت العبارة فإن إمكان الاذن الذي سلم الاشتراط معه هو حالة الحضور وسقوطه عند عدم الامكان هو حالة الغيبة فيرجع الامر إلى ما قلناه وإن كان ظاهره يدل على خلاف ذلك ومما يوجب حمله على ما ذكرناه فساده على تقدير حمله على ظاهره للقطع بأن الشرط لا يسقط اعتباره عند تعذره مطلقا لكن قد يتفق ذلك في بعض الشروط لكنه على خلاف الأصل المعروف في أحكام الشروط واعلم أنه ليس المراد باستحبابها على تقدير مشروعيتها كونها مندوبة لأنها تجزى عن الظهر الواجبة للاجماع على أنها متى شرعت أجزأت عن الظهر والمندوب لا يجزى عن الواجب بل المراد أنها أفضل الفردين الواجبين تخييرا فهي مستحبة عينا ولا منافاة بينهما فإن أفراد الواجب المخير متى كانت متفاوتة في الفضيلة كان حكمها كذلك وهذا المعنى أولى مما قيل أن الاستحباب متعلق بالاجتماع لا بالجمعة نفسها ولو صلى الظهر من وجب عليه السعي إلى الجمعة لم تسقط الجمعة بل يجب عليه أن يحضر الجمعة فإن أدركها صلاها وإلا أعاد ظهره لفساد الأولى إذ لم يكن مخاطبا بها بخلاف ما لو لم يكن مخاطبا بالجمعة فصلى الظهر في وقت الجمعة فإنها صحيحة إذ ليس هو من أهل فرض الجمعة فلو حضر موضع إقامتها بعد الصلاة لم يجب فعلها لتحقق الامتثال لكن يستحب طلبا لفضيلة الجماعة وفاقا للتذكرة ويستثنى منه الصبي لو بلغ بعد إن صلى الظهر ندبا فإنها لا تجزى عن الواجب بل يجب الحضور إلى الجمعة والصلاة فإن قامت أعاد الظهر ولو فرض كونه من أهل الجمعة وظن إدراكها وصلى الظهر ثم تبين أنه في وقت الظهر لم يكن بحيث يدرك الجمعة وجب إعادة الظهر أيضا لكونه متعبدا بظنه فكان المتعين عليه فعل الجمعة على حسب ظنه ولو لم يكن شرائط الجمعة مجتمعة في أول وقتها لكن يرجو اجتماعها قبل خروجه فهل له تعجيل الظهر أم يجب الصبر إلى أن يحصل هي أو اليأس منها كل محتمل وإن كان الصبر أولى لان وظيفته الجمعة ووقتها متسع فلا يتحقق الانتقال منها إلى الظهر إلا بعلم عدمها ويدرك المأموم الجمعة بإدراك الامام راكعا في الركعة الثانية على المشهور لان إدراك الركوع موجب لادراك الركعة (وإدراك الركعة مع الامام صح) موجب لادراك الجمعة و يشهد للأول قول الصادق عليه السلام إذا أدركت الامام وقد ركع فكبرت وركعت قبل أن يرفع رأسه فقد أدركت الركعة وإن رفع الامام رأسه قبل أن تركع فقد فاتتك وللثاني قوله عليه السلام من أدرك ركعة من الجمعة فليضف إليها أخرى ولا فرق في إدراك الركعة بإدراكه راكعا بين أن يكون المأموم والامام راكع وعدمه بل المعتبر اجتماعهما في حد الراكع وهل يقدح في ذلك شروع الامام في الرفع مع عدم تجاوزه حد الراكع ظاهر الرواية ذلك لأنه علق الحكم على رفع الرأس ويمكن العدم حملا للرفع على كماله أو على ما يخرجه عن حده لان ما دونه في حكم العدم واشترط الشيخ في النهاية إدراك تكبيرة الركوع لقول الباقر عليه السلام لمحمد بن مسلم إن لم تدرك القوم قبل أن يكبر الامام للركعة فلا تدخل معهم في تلك الركعة ويعارض بالأولى وترجح الأولى بالشهرة أو بحمل هذه على الأفضلية أو على ظن فوت الركوع توفيقا واشترط المصنف في التذكرة إدراك ذكر الركوع ولا شاهد له وهذا الحكم كله آت في باقي الجماعة فرع لو شك بعد الركوع هل أدركه راكعا أو رافعا تعارض أصلا عدم الادراك والرفع فيتساقطان ويبقى المكلف في عهدة الواجب للشك في الاتيان به على وجهه فيجب الاستيناف والعدد المتقدم شرط في الابتداء
(٢٩٢)