ليس لهما مانع صالح فتعين القول بالجواز ثم على تقديره هل يشترط في شرعيتها حينئذ الفقيه الشرعي أم يكفي اجتماع باقي الشرائط والايتمام بإمام يصح الاقتداء به في الجماعة أكثر المجوزين على الثاني وهم بين مطلق للشرعية مع إمكان الاجتماع والخطبتين وبين مصرح بعدم اشتراط الفقيه وممن صرح به أبو الصلاح ونقله عنه المصنف في المختلف وصرح به أيضا الشهيد في الذكرى والمستند إطلاق الأوامر من غير تقييد بالامام أو من نصبه عموما أو خصوصا خرج منه ما أجمع عليه وهو مع إمكان إذنه وحضوره فيبقى الباقي على أصل الوجوب من غير شرط قال في الذكرى بعد حكاية الجواز عن الأكثر مع إمكان الاجتماع والخطبتين ويعلل بأمرين أحدهما إن الاذن حاصل من الأئمة الماضين فهو كالاذن من إمام الوقت ولأن الفقهاء حال الغيبة يباشرون ما هو أعظم من ذلك بالاذن والتعليل الثاني إن الاذن إنما يعتبر مع إمكانه أما مع عدمه فيسقط اعتباره ويبقى عموم القرآن والاخبار خاليا عن المعارض ثم ذكر أخبار كثيرة مطلقة قال والتعليلان حسنان والاعتماد على الثاني وعبارة أبى الصلاح في الكافي تناسب التعليل الثاني فإنه قال ما هذا لفظه لا تنعقد الجمعة إلا بإمام الملة أو منصوب من قبله أو من تتكامل له صفات إمام الجماعة عند تعذر الامرين وهذه العبارة صريحة في سقوط اعتبار إذن الإمام أو من نصبه مع التعذر كحال الغيبة وإن الفقيه ليس شرطا فيها حينئذ وفى بعض عبارات الأصحاب ما يدل على الأول كعبارة الشهيد في الدروس والمصنف في النهاية فإنهم عبروا بأن الفقهاء يجمعون في حال الغيبة ولا صراحة فيها بتحتم ذلك وغايته أن يكون قولا آخر وقد بالغ المحقق الشيخ علي رحمه الله في إنكار القول الثاني من قولي الجواز وزعم إن كل من قال بالجواز اشترط فيه حضور الفقيه محتجا عليه بدعوى جماعة من الأصحاب منهم الشهيد في الذكرى والمصنف في التذكرة والنهاية وغيرهما الاجماع على اشتراط الامام أو نائبه في شرعية الجمعة وفى الدعوى والسند منع ظاهر أما الدعوى فقد بينا من صرح بخلافها وأما الاجماع فإنما نقلوه على حالة الحضور لا على الغيبة فإنهم يبتدؤن بحال الحضور ويذكرون فيه الاجماع ثم يذكرون حال الغيبة ويذكرون الخلاف فكيف يتحقق الاجماع في موضع النزاع فراجع أنت كلامهم تجده كما قلناه وأوضح ما في ذلك عبارة الذكرى التي نقل عنها دعوى الاجماع في ذلك فإنه ذكر المسألتين في سطر واحد قال التاسع إذن الإمام كما كان النبي صلى الله عليه و آله يأذن لائمة الجمعات وأمير المؤمنين عليه السلام بعده وعليه إطباق الامامية هذا مع حضور الامام وأما مع غيبته كهذا الزمان ففي انعقادها قولان أصحهما وبه قال معظم الأصحاب الجواز إذا أمكن الاجتماع والخطبتان انتهى ثم علل الجواز بالتعليلين السابقين وهذا كما ترى صريح في اختصاص الاجماع بحالة حضوره ووقوع الخلاف في اشتراط إذنه عليه السلام في حال غيبته وإن الأكثر على العدم وعبارة باقي أصحاب المطولات قريبة من ذلك فتدبر فإن قيل الأوامر الدالة على الوجوب إنما استفيد منها الوجوب العيني كما هو موضع وفاق بالنسبة إلى حالة الحضور ومدعاكم الوجوب التخييري وأحدهما غير الاخر قلنا أصل الوجوب ومطلقه مشترك بين العيني والتخييري ومن حق المشترك أن لا يخصص بأحد معنييه إلا بقرينة صارفة عن الاخر أو مخصصة والوجوب العيني منفى حال الغيبة بالاجماع فيختص الفرد الاخر فإن قيل لو كان عدم إمكان الشرط موجبا لسقوط أثره وأعمال أصل الأوامر لزم جوازها فرادى عند عدم إمكان الجمع وبأقل من العدد تعذره وغير ذلك مما يتعذر فيه أحد الشروط وهو باطل إجماعا فأي فارق بين الشروط قلنا هذا السؤال حق ومن خواص الشرط أن يستلزم فقده فقد المشروط إلا أن هذا الشرط وهو إذن الإمام ليس له مستند يرجع إليه من كتاب أو سنة كما ورد في باقي الشروط وإنما العمدة في إثباته على الاجماع
(٢٩١)