تحريم الكلام ذهب إليه جماعة اعتمادا على الأصل وفى الكلام على صحيحة محمد بن مسلم عن الصادق عليه السلام قال إذا خطب الامام يوم الجمعة فلا ينبغي لاحد أن يتكلم حتى يفرغ الامام من خطبته ولفظة لا ينبغي تدل على الكراهة وإن النبي صلى الله عليه وآله لم ينكر على من سأله في حال خطبته عن الساعة إلى أن سأل ثلثا فأجابه صلى الله عليه وآله ولو حرم الكلام لا نكره صلى الله عليه وآله والجواب إن لا ينبغي كما تصلح للمكروه تصلح للحرام فلتحمل عليه جمعا بينها وبين ما تقدم وجوابه صلى الله عليه وآله وعدم إنكاره جاز استناده إلى علمه بضرورة السائل والضرورة مبيحة للكلام قطعا بل نقل فيه المصنف الاجماع في التذكرة وقد علم من الدليل أن الطهارة من الحدث والخبث شرط وبذلك صرح الشهيد في البيان وفى الذكرى والدروس خصها بالحدثية لا غير ولعل الأقوال حينئذ ثلاثة ومقتضى الدليل أيضا وجوبها على الإمام والمأموم لكن لم أقف على قائل بوجوبها على المأموم كما ذكروه في الكلام فلذلك قيدناه بالخطيب ووجوب الاصغاء غير مختص بالعدد لعدم الأولوية نعم سماع العدد شرط في الصحة ولا منافاة بينهما فيأثم من زاد وإن صحت الخطبة كما أن الكلام لا يبطلها أيضا وإن حصل الاثم وهل يجب إسماع من يمكن سماعه من غير مشقة و إن زاد عن العدد نظر من وجوب الاصغاء عليه كما سيأتي وهو لا يتم إلا مع إسماعه ومن كون الوجوب بالنسبة إلى الزائد عن العدد مشروطا كما سيأتي فلا منافاة وربما قيل بعدم وجوب الاسماع مطلقا لأصالة البراءة وإن وجب الاستماع لتغاير محل الوجوبين فلا يستلزم وجوب الاصغاء على المأموم وجوب الاسماع على الخطيب ولأن وجوبه مشروط بإمكان السماع كما مر وإنما يجب الاصغاء ويحرم الكلام على من في حقه السماع فالبعيد الذي لا يسمع و الأصم لا يجب عليهما ولا يحرم لعدم الفائدة ولا يحرم غير الكلام مما يحرم في الصلاة خلافا للمرتضى ولا فرق بين الامام والمؤتم في تحريم الكلام لظاهر الخبر السالف وربما فرق بينهما وخص التحريم بغير الامام لتكلم النبي صلى الله عليه وآله حال الخطبة وقد عرفت أن مطلق الكلام غير محرم وهل يحرم الكلام بين الخطبتين الظاهر ذلك لقوله عليه السلام في الحديث السالف هي صلاة حتى ينزل الامام وحالة الجلوس بينهما وما حفها قبل نزوله فيدخل في المغيا وجوزه المصنف لعدم سماع شئ يشغله عنه الكلام واعلم أن وجوب الاصغاء يستلزم تحريم الكلام على المأموم لان ترك الكلام جزء تعريف الاصغاء كما نص عليه بعض أهل اللغة فلا يحصل بدونه لكن المصنف جمع بينهما لفائدة التأكيد أو التعليم لادخال الامام فإنه لا يجب عليه الاصغاء ويجب عليه ترك الكلام على أحد القولين وفى الصحاح أصغيت إلى فلان إذا ملت بسمعك نحوه وهذا التعريف لا يستلزم ترك الكلام فيمكن بناء كلام المصنف عليه أيضا فالاصغاء على الأول أخص من الاستماع وعلى الثاني مرادف له والممنوع من سجود الركعة الأولى على الأرض مع الامام لكثرة الزحام ونحوه لا يجوز له أن يسجد على ظهر غيره أو رجله إجماعا بل ينتظر حتى يتمكن من السجود ولو بعد قيام الامام للثانية ويسجد ويلحق الامام بمعنى إدراكه من الصلاة قدر ما أدركه الامام إن أدركه قبل الركوع ويغتفر ذلك للحاجة والضرورة ومثله وقع في صلاة عسفان حيث سجد النبي صلى الله عليه وآله وبقي صف لم يسجد معه والمشترك بينهما الحاجة فإن تعذر إدراكه قبل الركوع لم يلحق لفوات معظم الركعة الثانية وبعض الأولى والمجموع قدر ركعة كاملة ويسجد معه في الركعة الثانية ويفهم من قوله فإن تعذر لم يلحق بعد قوله إنه يلحق قبل الركوع إنه لو أدركه راكعا لا يلحق أيضا لعدم وصفه حينئذ بكونه قبل الركوع فيدخل في القسم الثاني وقد نص المصنف وغيره هنا أيضا على اللحوق فيقوم منتصبا مطمئنا يسيرا بغير قراءة ثم يركع ومتى سجد معه في الثانية ولم يكن أدرك الركوع ينوى بهما أي بالسجدتين
(٢٩٧)