جميعا أن جهادهم أفضل من جهاد الكفار إلى ديارهم، إذ فعلهم في دار الاسلام كفعل الفاحشة في المسجد، قال في البحر أيضا: والبغي فسق إجماعا.
باب الصبر على جور الأئمة وترك قتالهم والكف عن إقامة السيف عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات فميتته جاهلية.
وفي لفظ: من كره من أميره شيئا فليصبر عليه فإنه ليس أحد من الناس خرج من السلطان شبرا فمات عليه إلا مات ميتة جاهلية. وعن أبي هريرة: عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: قال: كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وأنه لا نبي بعدي، وسيكون خلفاء فيكثرون، قالوا: فما تأمرنا؟ قال:
فوا ببيعة الأول فالأول ثم أعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم متفق عليهن.
قوله: فليصبر في رواية للبخاري: فليصبر عليه. قوله: من فارق الجماعة شبرا بكسر الشين المعجمة وسكون الموحدة كناية عن معصية السلطان ومحاربته.
قال ابن أبي جمرة: المراد بالمفارقة السعي في حل عقد البيعة التي حصلت لذلك الأمير ولو بأدنى شئ فكني عنها بمقدار الشبر، لأن الاخذ في ذلك يؤول إلى سفك الدماء بغير حق. قوله: فميتته جاهلية في رواية للبخاري: مات ميتة جاهلية. وفي رواية له أخرى: فمات إلا مات ميتة جاهلية. وفي رواية لمسلم: فميتته ميتة جاهلية وفي أخرى له من حديث ابن عمر: من خلع يدا من طاعة لقت الله ولا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية وفي الرواية الأخرى من حديث ابن عباس المذكور فمات عليه إلا مات ميتة جاهلية. قال الكرماني: الاستفهام هنا بمعنى الاستفهام الانكاري، أي ما فارق الجماعة أحد إلا جرى له كذا أو حذف ما، فهي مقدرة أو إلا زائدة أو عاطفة على رأي الكوفيين. والمراد بالميتة الجاهلية وهي بكسر الميم أن يكون حاله في الموت كموت أهل الجاهلية على ضلال، وليس له إمام مطاع لأنهم كانوا لا يعرفون ذلك. وليس المراد أنه يموت كافرا بل يموت عاصيا. ويحتمل أن يكون التشبيه على ظاهره ومعناه أنه يموت مثل موت الجاهلي وإن