قال: شهدت صفين فكانوا لا يجيزون على جريح ولا يقتلون موليا ولا يسلبون قتيلا.
وأخرج أيضا عن أبي فاختة أن عليا أتى بأسير يوم صفين فقال: لا تقتلني صبرا، فقال علي رضي الله عنه: لا أقتلك صبرا إني أخاف الله رب العالمين ثم خلى سبيله، ثم قال: أفيك خير تبايع. وأخرج أيضا أن عليا لم يقاتل أهل الجمل حتى دعا الناس ثلاثا حتى إذا كان يوم الثالث دخل عليه الحسن والحسين و عبد الله بن جعفر فقالوا: قد أكثروا فينا الجراح، فقال: ما جهلت من أمرهم شيئا، ثم توضأ وصلى ركعتين حتى إذا فرغ رفع يديه ودعا ربه وقال لهم: إن ظفرتم على القوم فلا تطلبوا مدبرا ولا تجيزوا على جريح، وانظروا إلى ما حضروا به الحرب من آلة فاقبضوه وما سوى ذلك فهو لورثتهم. قال البيهقي: هذا منقطع والصحيح أنه لم يأخذ شيئا ولم يسلب قتيلا. وأخرج أيضا عن علي أنه كان لا يأخذ سلبا. وأخرج أيضا عن عرفجة عن أبيه قال: لما قتل علي أهل النهروان جال في عسكرهم فمن كان يعرف شيئا أخذه حتى بقيت قدر ثم رأيتها أخذت بعد. وأثر الزهري أخرجه أيضا البيهقي بلفظ: هاجت الفتنة الأولى فأدركت يعني الفتنة رجالا ذوي عدد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ممن شهد معه بدرا، وبلغنا أنهم يرون أن هذا أمر الفتنة لا يقام فيها على رجل قاتل في تأويل القرآن قصاص فيمن قتل، ولا حد في سباء امرأة سبيت، ولا يرى عليها حد، ولا بينها وبين زوجها ملاعنة، ولا يرى أن يقذفها أحد إلا جلد الحد، ويرى أن ترد إلى زوجها الأول بعد أن تعتد عدتها من زوجها الآخر، ويرى أن يرثها زوجها الأول. قوله: ولا يذفف بالذال المعجمة المفتوحة بعده فاء مشددة ثم فاء مخففة على صيغة البناء للمجهول وهو في معنى يجهز، قال في القاموس: ذف على الجريح ذفا وذفافا ككتاب وذففا محركة أجهز والاسم الذفاف كسحاب، قال أيضا في مادة جهاز وجهز على الجريح كمنع، وأجهز أثبت قتله وأسرعه وتمم عليه، وموت مجهز وجهيز سريع انتهى. وفي الأثر المذكور دليل على أنه لا يجوز قتل من كان مدبرا من البغاة، وكذلك يدل على ذلك الحديث المرفوع الذي ذكرناه وعلى أنه لا يجهز على جريحهم بل يترك على ما هو عليه، إلا إذا كان المدبر أو الجريح ممن له فئة جاز قتله عند الهادوية وأبي حنيفة والمروزي من الشافعية. وقال الشافعي: لا يجوز إذ القصد دفعهم في تلك الحال