الذي بعد هذا، وفي الباب آثار عن جماعة من الصحابة. منها عن أبي الدرداء أنه أتي بجارية سرقت فقال لها: أسرقت؟ قولي لا فقالت لا فخلى سبيلها. وعن عطاء عند عبد الرزاق أنه قال: كان من مضى يؤتى إليهم بالسارق فيقول: أسرقت؟ قل لا.
وسمى أبا بكر وعمر. وأخرج أيضا عن عمر بن الخطاب أتى برجل فسأله أسرقت؟
قل لا فقال لا فتركه. وعن أبي هريرة عند ابن أبي شيبة أن أبا هريرة أتي بسارق فقال أسرقت؟ قل لا مرتين أو ثلاثا. وعن أبي مسعود الأنصاري في جامع سفيان أن امرأ سرقت جملا فقال: أسرقت؟ قولي لا. قوله: ما أخالك سرقت بفتح الهمزة وكسرها أي أما أظنك سرقت، وفي ذلك دليل على أنه يستحب تلقين ما يسقط الحد. قوله: مرتين أو ثلاثا استدل به من قال: إن الاقرار بالسرقة مرة واحدة لا يكفي بل لا بد من الاقرار مرتين أو ثلاثا، وأقل ما يلزم به القطع مرتان، وإلى ذلك ذهبت العترة وابن أبي ليلى وابن شبرمة وأحمد بن حنبل وإسحاق وروي عن أبي يوسف. وذهب مالك والشافعية والحنفية وهو مروي عن أبي يوسف إلى أنه يكفي الاقرار مرة، ويجاب عن الاستدلال بحديث أبي أمية المذكور أنه لا يدل على اشتراط الاقرار مرتين، وإنما يد على أنه يندب له تلقين المسقط للحد عنه والمبالغة في الاستثبات، ومما يدل على أن هذا هو المراد أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا أخالك سرقت ثلاث مرات في رواية، ولا قائل بأنه يشترط ثلاث مرات، ولو كان مجرد الفعل يدل على الشرطية لكان وقوع التكرار منه صلى الله عليه وآله وسلم ثلاث مرات يقتضي اشتراطها، وقد تقدم في حديث المجن ورداء صفوان أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قطع، ولم ينقل في ذلك تكرير الاقرار. وأما الاحتجاج بما روي عن علي عليه السلام كما ذكره المصنف فهو وإن كانت الصيغة مشعرة باشتراط الاقرار مرتين لكنه لا تقوم به الحجة إلا عند من يرى حجية قوله كما ذهب إليه بعض الزيدية. قوله: قل أستغفر الله فيه دليل على مشروعية أمر المحدود بالاستغفار والدعاء له بالتوبة بعد استغفاره