المعتدة البائن من منزلها في النهار للحاجة إلى ذلك ولا يجوز لغير حاجة. وقد ذهب إلى ذلك علي رضي الله عنه وأبو حنيفة والقاسم والمنصوب الله، ويدل على اعتبار الغرض الديني أو الدنيوي تعليله صلى الله عليه وآله وسلم ذلك بالصدقة أو فعل الخير، ولا معارضة بين هذا الحديث وبين قوله تعالى: * (لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن) * (الطلاق: 1) الآية، بل الحديث مخصص لذلك العموم المشعور به من النهي، فلا يجوز الخروج إلا للحاجة لغرض من الأغراض. وذهب الثوري والليث ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم إلى أنه يجوز لها الخروج في النهار مطلقا وتمسكوا بظاهر الحديث وليس فيه ما يدل على اعتبار الحاجة وغايته اعتبار أن يكون الخروج لقربة من القرب كما يدل على ذلك آخر الحديث، ومما يؤيد مطلق الجواز في النهار القياس على المتوفى عنها كما سيأتي. قوله: تسلبي بفتح أوله وبعده سين مهملة مفتوحة وتشديد اللام أي البسي السلاب وهو ثوب الاحداد، وقيل هو ثوب أسود تغطي به رأسها، وقد قدمنا الكلام على حديث أسماء هذا وكيفية الجمع بينه وبين الأحاديث القاضية بوجوب الاحداد.
باب أين تعتد المتوفى عنها عن فريعة بنت مالك قالت: خرج زوجي في طلب أعلاج له فأدركهم في طرف القدوم فقتلوه فأتاني نعيه وأنا في دار شاسعة من دور أهلي، فأتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فذكرت ذلك له فقلت: إن نعي زوجي أتاني في دار شاسعة من دور أهلي ولم يدع نفقة ولا مالا ورثته وليس المسكن له، فلو تحولت إلى أهلي وإخوتي لكان أرفق لي في بعض شأني، قال:
تحولي، فلما خرجت إلى المسجد أو إلى الحجرة دعاني أو أمر بي فدعيت فقال: امكثي في بيتك الذي أتاك فيه نعي زوجك حتى يبلغ الكتاب أجله، قالت: فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا قالت: وأرسل إلي عثمان فأخبرته فأخذ به رواه الخمسة وصححه الترمذي، ولم يذكر النسائي وابن ماجة إرسال عثمان. وعن عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى : * (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج) * (البقرة: 240) نسخ ذلك بآية الميراث بما فرض الله لها من الربع والثمن، ونسخ أجل الحول أن جعل أجلها أربعة أشهر وعشرا رواه النسائي وأبو داود.