وما انتمى قط إلى ولاء ذلك القرظي بل انتمى مولى الله تعالى ورسوله، وهذا كله متفق عليه من المؤالف. والمخالف، والصالح. والطالح، فلو كان ملكه له صحيحا وكتابته له صحيحة بحق الملك لكان ولاؤه له ولو كان ولاؤه له لما تركه النبي صلى الله عليه وسلم ينتفى عن ولائه، وفي هذا حجة لمن نصح نفسه وكفاية، وكيف ولو لم يقم هذا البرهان لما كان لهم فيه حجة؟ لأنهم لا دليل لهم على أنه كان أمره بعد نزول الآية المذكورة، وبالله تعالى التوفيق * وبهذا القول يقول بعض أصحاب مالك ذكر ذلك ابن شعبان عنهم أن عبد الذمي ساعة يسلم فهو حر، وقال أشهب: ساعة يسلم عبد الحربي فهو حر خرج أو لم يخرج، وقال مالك: إذا أسلمت أم ولد الذمي فهي حرة، وقال أبو حنيفة وأصحابه: ان أسلم عبد الحربي في دار الحرب فهو باق على ملكه فان باعه أو وهبه من مسلم. أو كافر. أو لمسلم. أو كافر (1) فهو حر ساعة بيعه، أو هبته وبطل البيع والهبة قال: فان اشترى الحربي عبدا مسلما فهو على ملكه فإذا حمله إلى أرض الحرب فساعة دخوله إلى أرض الحرب فهو حر، فهل سمع بأوحش أو أفحش من هذا التخليط؟ وهي أقوال لا يعرف أن أحدا قالها قبله، وأما مالك فإذا عتق أم ولده باسلامها وهي أمة له فقد ناقض إذ لم يعتق العبد الأمة باسلامهما ولا فرق بين ذلك * روينا من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج أخبرنا أنه سمع سليمان بن موسى يقول: لا يسترق الكافر المسلم، وهذا نفس قولنا لأنه أبطل استرقاقه إياه جملة، قال ابن جريج: وسئل ابن شهاب عن أم ولد النصراني (2) أسلمت؟ فقال ابن شهاب يفرق الاسلام بينهما وتعتق، قال ابن جريج:
لا تعتق حتى يدعى هو إلى الاسلام فان أبى عتقت * قال أبو محمد: كلاهما قد أوجب عتقها ولا معنى لتأنى عرض الاسلام عليه، ومن طريق ابن أبي شيبة نا معن بن عيسى عن ابن أبي ذئب عن الزهري قال: مضت السنة ان لا يسترق كافر مسلما * ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن عمرو بن ميمون قال: كتب عمر بن عبد العزيز فيمن أسلم من رقيق أهل الذمة أن يباعوا ولا يتركون يسترقونهم ويدفع أثمانهم إليهم فمن قدرت عليه بعد تقدمك إليه استرق شيئا من سبى المسلمين ممن قد أسلم وصلى فاعتقه * ومن طريق عبد الرزاق عن ابن جريج قال: أخبرني بعض أهل أرضنا أن نصرانيا أعتق مسلما فقال عمر بن عبد العزيز:
أعطوه قيمته من بيت المال وولاؤه للمسلمين * قال أبو محمد: قد رأى عتقه له غير نافذ ورأي ولاءه للمسلمين (3) وهذا هو نص قولنا، وأما اعطاؤه قيمته من بيت المال فلا نقول بهذا: فإنه لا حق للكافر في بيت مال المسلمين *