بايمانهن فان علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن وآتوهم ما أنفقوا ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن) برهان قاطع في وجوب عتق أمة الذمي، أو الحربي إذا أسلمت لأنه تعالى أمر أن لا نرجعها إلى الكفار وأنهن لا يحللن لهم (1) وأباح لنا نكاحهن، وهذا عموم يوجب الحرية ضرورة * (فان قيل): قوله تعالى في هذه الآية: (وآتوهم ما أنفقوا) دليل على أنه تعالى أراد الزوجات قلنا: الآية كلها عامة لكل مؤمنة هاجرت بالايمان لتدخل في جملة المسلمين وهذا الحكم في إيتاء ما أنفقوا خاص في الزوجات ولا يوجب أن يكون سائر عموم الآية خصوصا إذ لم يوجب ذلك لغة ولا شريعة، وبالله تعالى التوفيق، وقد صح أن أبا بكرة خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلما فعتق، (فان قالوا): هذا حكم من خرج من دار الحرب إلى دار الاسلام قلنا:
ما الفرق بينكم وبين ما قال: بل هذا حكم من خرج من الطائف خاصة؟ وهل بين الحكمين فرق؟
ثم نقول لهم: وما دليلكم على هذا؟ وإنما جاء مسلما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عبد لكافر فأعتقه ولم يقل عليه السلام انى إنما أعتقته لأنه خرج من دار الحرب فمن نسب هذا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كذب عليه، وقال عليه بلا برهان، وأنتم تقيسون الجص على التمر والسقمونيا على البر والكمون عليهما بلا برهان، وفرج المسلمة المتزوجة على يد السارق، ثم تفرقون بين عبد مسلم وعبد مسلم كلاهما أسلم في ملك كافران هذا لعوج ما شئتم، فان ذكروا أمر بلال، وسلمان رضي الله عنهم ا وان كليهما أسلم وهما مملوكان لو ثنى ويهودي فابتاع بلالا أبو بكر، وكاتب سلمان سيده فلو كان حرين بنفس اسلامهما لما كان أبو بكر مالك ولاء بلال، ولا صحيح العتق فيه قلنا وبالله تعالى التوفيق: * أما أمر بلال فكان في أول الاسلام بلا خلاف من أحد وقبل نزول الآية التي ذكرنا ببضع عشرة سنة لان الآية مدنية في سورة النساء ولم تكن الصلاة يومئذ لازمة. ولا الزكاة، ولا الصيام، ولا الحج، ولا المواريث، ولا كان حراما نكاح الوثني المسلمة، ولا نكاح المسلم الوثنية، ولا ملك الوثني للمسلم فلا حجة في أمر بلال * وأما أمر سلمان فكان بالمدينة وكان مملوكا لرجل من بني قريظة وهم ممتنعون لا يجرى عليهم حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بل هم في حصونهم مالكون لأنفسهم، وكان اسلام سلمان رضي الله عنه بلا خلاف قبل الخندق وهو أول مشاهده، وهلاك بني قريظة وقتلهم، وحصارهم بعد الخندق بلا خلاف من أحد * ومن البرهان القاطع على أن ملك سيده له بطل عنه باسلامه أنه كان مكاتبا له بلا شك