إياهما للبيع إذا أسلما في ملكه؟ (وان قالوا): بل لما يحل تملكه قلنا: فلم فسختم ابتياعه لما يحل له تملكه؟ بل لم تبيعون عليه ما يحل له تملكه؟ (فان قالوا): انهما كانا في ملكه قبل أن يسلما فلم يبطل ملكه باسلامهما، قلنا: نعم فلم بعتموهما عليه وهذا تناقض فاحش لا إشكال فيه، وقول باطل بلا برهان، والعجب كل العجب! انهم ينكرون مثل هذا على الله تعالى وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم فيقولون في تزوجه عليه السلام صفية أم المؤمنين وجعل عتقها صداقها: لا يخلوا أن يكون تزوجها قبل عتقها، أو بعد عتقها، فإن كان تزوجها قبل عتقها فزواج الرجل أمته لا يحل، وإن كان تزوجها بعد عتقها فقد مضى عتقها فأين الصداق؟ وقالوا: مثل هذا في العتق بالقرعة.
وفي وجود المرء سلعته عند مفلس، وكل هذا لا يدخل فيه ما أدخلوه فيه من هذه الاعتراضات الفاسدة، ثم لا ينكرون هذا على أنفسهم وهو موضع الانكار حقا لأنهم إنما يتكلمون ويقضون برأيهم الفاسد وهو عليه السلام إنما يتكلم ويقضى عن الله تعالى الذي لا يسأل عما يفعل وهم يسألون (فان قالوا): نبيعه على الكافر كما تبيعون أنتم عبد المسلم وأمته إذا شكوا الضرر وفي التفليس قلنا لهم، وبالله تعالى التوفيق: لا نبيع عبد المسلم ولا أمته أصلا الا في حق واجب لازم لا يمكننا التوصل إليه البتة بوجه من الوجوه إلا ببيعهما والا فلا. أول ذلك اننا لا نبيعهما عليه الا في دين لزمه أو في نفقة لزمته لنفسه أو للمملوك والمملوكة، أو لمن تلزمه نفقته، أو لضرر ثابت، فاما الحق الواجب فما دمنا نجد له دراهم أو دنانير لم نبعهما عليه فإن لم نجد له غيرهما ولم يكن سبيل إلى أداء ذلك الحق الا ببيعهما فهما مال من ماله يباع عند ذلك لقول الله تعالى:
(كونوا قوامين بالقسط شهداء لله) ومن القيام بالقسط إعطاء كل ذي حق حقه، وصوب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم هذا القول إذ قاله سلمان لأبي الدرداء رضي الله عنهما، وأما الضرر الثابت فان أمكننا منع الضرر بأن نحول بينه وبين الأمة، والعبد بأن يؤاجرا، أو يجعلا عند ثقة يمنع من الاضرار بهما لم نبعهما فإذا لم يقدر على ذلك البتة بعناهما لأننا لا نقدر على المنع من الظلم والعدوان والاثم الا بذلك، وقال تعالى:
(ولا تعاونوا على الاثم والعدوان) (فان قالوا): كذلك تحكم الكافر على المسلم من عبيدهم ضرر قلنا: فان صح أنه لا ضرر على الأمة والعبد من سيدهما الكافر، أو سيدتهما الكافرة بل هما معترفان بالاحسان والرفق جملة أليس قد بطل تعلقكم بالضرر؟، هذا ما لا شك فيه * (فان قالوا): نخاف أن يفسدا دينهما بطول الصحبة قلنا: ففرقوا بينهما وبين ابنيهما إذا أسلم خوف أن يفسدا دينه وبيعوا عبد المسلم الفاسق وأمته بهذا الاعتلال لأنه مضمون منه تدريبهما على شرب الخمر. وإضاعة الصلاة. والظلم ولا فرق، وهذا ما لا مخلص منه أصلا، والحمد لله رب العالمين، وقوله تعالى: (إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم