وقولنا هذا: هو قول أبى سليمان: ولا يكون وجوده في أرض متملكة لمسلم، أو ذمي موجبا لملك صاحب الأرض له لأنه غير الأرض فلا يكون ملك الأرض ملكا لما فيها من غيرها من صيد، أو لقطة، أو دفينة، أو غير ذلك، وقال الشافعي: كقولنا الا أنه قال: إن ادعى صاحب الأرض التي وجد فيها انه قد كان وجده ثم أقره فهو له، وهذا ليس بشئ لأنها دعوى لا بينة له عليها فهو لمن وجده لأنه في يده وهو غانمه إلا أن يوجد إثر استخراجه، ثم رده فيكون حينئذ قول صاحب الأرض حقا، وأما إذا وجد كما وضع أول مرة فكذب مدعيه ظاهر بلا شك، وقال مالك: لا يكون لواجده إلا أن يجده في صحارى أرض العرب فهو له بعد الخمس فان وجده في أرض عنوة فهو كله لبقايا مفتتحي تلك البلاد، وفيه الخمس، فان وجده في ارض صلح فهو كله لأهل الصلح ولا خمس فيه * وهذا خطأ ظاهر من وجوه * أولها انه أسقط الخمس عما وجد من ذلك في أرض صلح وهذا خلاف قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وفي الركاز الخمس) فعم عليه السلام ولم يخص أرض صلح من غيرها * وثانيها انهم إنما صالحوا على ما يملكونه مما بأيديهم لا على مالا يملكونه ولا هو بأيديهم ولا يعرفونه * وثالثها انهم لو ملكوا كل ركاز في الأرض التي صالحوا عليها لوجب أن تملكه أيضا العرب الذين أسلموا على بلادهم فيكون ما وجد فيها من ركاز للذين أسلموا على تلك الأرض، وهذا خلاف قولهم * وأما قوله فيما وجد في أرض العنوة أنه لورثة المفتتحين فخطأ لان المفتتحين للأرض إنما يملكون ما غنموا لا ما لم يغنموا، والركاز مما لم يغنموا، ولا حصلوا عليه ولا أخذوه فلا حق لهم فيه * والعجب كله انهم لا يجعلون الأرض حقا للمفتتحين أرض العنوة وهم غنموها ثم يجعلون الركاز الذي فيها حقا لهم وهم لم يغنموه، وقال الحنيفيون: هو لواجده وعليه فيه الخمس وله أن يأخذ الخمس إن كان محتاجا الا أن يجده في دار اختطها مسلم أو في دار الحرب فإنه ان وجده في دار اختطها مسلم فهو لصاحب الخطة وفيه الخمس، وان وجده في دار حربي وقد دخلها بأمان فهو كله للحربي، وان وجده في صحراء في دار الحرب فهو كله لواجده ولا خمس عليه فيه، وهذا تقسيم في غاية الفساد وخلاف لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بان في الركاز الخمس فعم عليه السلام ولم يخص، ولا يعرف هذا التقسيم عن أحد قبل أبي حنيفة، وهو مع ذلك قول بلا برهان، وفيه عن السلف آثار، منها ما رويناه من طريق ابن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي ان عليا (1) أتاه رجل بألف وخمسمائة (درهم) (2) وجدها في خربة بالسواد فقال على: ان كنت وجدتها في قرية خربة تحمل خراجها قرية عامرة فهي لهم، وإن كانت لا تحمل خراجها فلك أربعة أخماسه ولنا خمسه وسأطيبه لك جميعا *
(٣٢٥)