مخلب من الطير كما حرم الصيد في الاحرام وكل ذلك ملك لله تعالى، ثم لا يوجبون على من قتل شيئا من ذلك جزاء فنقضوا قياسهم، (فان قالوا): لم يحرم قتل شئ من هذه قلنا:
ولا أوجب الله تعالى الجزاء الا على المتعمد فاما التزموا النصوص كما وردت ولا تتعدوا حدود الله واما اطردوا قياسكم فأوجبوا الجزاء في الخنزير، وفي السباع، وفي ذوات المخالب كما فعل أبو حنيفة، فظهر أيضا فساد أقوالهم جملة، وبالله تعالى التوفيق، وقال بعضهم:
إنما نص على المتعمد ليعلم أن حكم المخطئ مثله * قال أبو محمد: وهذا من أسخف كلام في الأرض، ويلزمه أن يقول: إن الله تعالى إنما نص على أن جزاء قاتل المؤمن عامدا في جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه ليعلم أن حكم قاتله مخطئا مثله، وإلا فقد ظهر كذب هذا القائل على الله عز وجل وافتراؤه على خالقه لاخباره عنه بالكذب والباطل، (فان قال): (1) قد فرق الله تعالى بين قاتل العمد وقاتل الخطأ قلنا: وقد فرق الله عز وجل بين كل مخطئ وكل عامد بقوله عز وجل: (وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم) * قال على: ما نعلم لهم تمويها غير هذا وهو كله ظاهر الفساد، وبالله تعالى التوفيق * وأما قولنا: إن ذلك الصيد حرام أكله فلان الله تعالى سماه قتلا ونهى عنه ولم يبح لنا عز وجل أكل شئ من الحيوان الا بالذكاة التي أمر بها عز وجل، ولا شك عند كل (2) ذي حس سليم ان الذي امر الله تعالى به من الذكاة هو غير ما نهى عنه من القتل فإذ هو غيره فالقتل المنهى عنه ليس ذكاة، وإذ ليس هو ذكاة فلا يحل أكل الحيوان به، وبالله تعالى التوفيق * (فان قيل): فهلا خصصتم العامد بذلك؟ قلنا: نص الآية مانع من ذلك لان الله تعالى قال: (يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم * فعم تعالى ولم يخص، وسمى اتلاف الصيد في حال (3) الحرم قتلا وحرمه، ثم قال: (ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم) فأوجب حكم الجزاء على العامد خاصة بخلاف النهى العام في أول الآية * وأما بطلان احرامه بذلك فلانه (4) بلا خلاف معصية، والمعاصي كلها فسوق، والا حرام يبطل بالفسوق كما ذكرنا قبل، ومن شنع الأقوال وفاسدها ابطال المالكيين الحج بالدفع من عرفة قبل غروب الشمس ولم يمنع الله تعالى قط من ذلك ولا رسوله عليه السلام، ثم لم يبطلوه بالفسوق الكبير الذي توعد الله تعالى أشد الوعيد فيه وهو قتل الصيد عمدا، وأبطلوا هم