يجوز إيجاب أخرى الا بقرآن أو سنة صحيحة توجب ذلك فيوقف عند ذلك، وأما القول ببقاء المحصر بمرض (1) على احرامه حتى يطوف بالبيت فقول لا برهان على صحته ولا أوجبه قرآن. ولا سنة. ولا إجماع بل هو خلاف القرآن كما أوردنا * والصحابة قد اختلفوا في ذلك في العمرة خاصة ولم يرو عن أحد منهم أنه أفتى بذلك في الحج أصلا * (فان قيل): فان الله تعالى يقول: (ثم محلها إلى البيت العتيق). قلنا: نعم ولم يقل تعالى: ان المحصر لا يحل الا بالطواف، والذي قال: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ثم محلها إلى البيت العتيق) هو الذي قال: (فان أحصرتم فما استيسر من الهدى)، وهو الذي أمر رسوله صلى الله عليه وسلم ان يحل ويرجع قبل أن يطوف بالبيت في عمرته التي صد فيها (2) عن البيت ولا يحل ضرب أو امره بعضها ببعض * وأما القول: ببعثه هديا (3) يحل به فقول لا يؤيده قرآن، ولا سنة، ولا اجماع، والصحابة قد اختلفوا في ذلك كما أوردنا (فان قيل): فان الله تعالى يقول: (ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدى محله) قلنا: نعم وليس هذا في المحصر وحده بل هو حكم كل من ساق هديا في حج أو عمرة على عموم الآية * فالحاج. والقارن إذا كان يوم النحر فقد بلغ الهدى محله من الزمان والمكان بمكة أو بمنى فله أن يحلق رأسه، والمعتمر إذا أتم طوافه وسعيه فقد بلغ هديه محله من الزمان والمكان بمكة فله أن يحلق رأسه، والمحصر إذا صد فقد بلغ هديه محله فله أن يحلق رأسه إن كان مع هؤلاء هدى ولم يقل الله عز وجل قط: إن المحصر لا يحل حتى يبلغ هديه مكة بل هو الكذب على الله تعالى ممن نسبه إليه عز وجل، فظهر خطأ هذه الأقاويل * واما قول أبي حنيفة. ومالك. والشافعي: في الاحصار فلا يحفظ قول منها بتمامه وتقسيمه عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم أصلا * قال أبو محمد: فوجب الرجوع عند التنازع إلى ما افترض الله تعالى الرجوع إليه إذ يقول عز وجل: (فان تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر). فوجدنا حكم الاحصار يرجع إلى قول الله تعالى: (فان أحصرتم فما استيسر من الهدى) فكان في هذه الآية عموم إيجاب الهدى على كل من أحصر بأي وجه أحصر، وإلى فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ صده المشركون عن البيت فنحر وحلق هو وأصحابه وحلوا بالحديبية، وإلى أمره عليه السلام من حج أن يقول:
(اللهم ان محلى حيث حبستني)، وقد ذكرناه قبل، وإلى ما حدثناه عبد الله بن ربيع نا محمد