إلى اهمال صاحب الأرض وامتناعه عن القيام بحقها، فان ما يوجب توهم اختصاصها بذلك ليس إلا قوله (ع) فيها (فغاب عنها وتركها واخربها) إلا أنه لا يدل على ذلك، لأن مجرد غياب صاحبها عنها وتركها المؤدي إلى خرابها لا يستلزم ان يكون ذلك من ناحية اهماله وامتناعه عن القيام بحقها، فإنه كما يمكن ان يكون من ناحية الاهمال والامتناع، يمكن ان يكون من ناحية عدم توفر فرصة كافية لديه للرجوع إليها والقيام بحقها، ولو لمانع خارجي، بحيث متى ارتفع المانع قام بحقها.
أو فقل: إنه يحتمل ان يكون غيابه عنها بقوة قاهرة، لا باختياره، بحيث متى ارتفعت تلك القوة القاهرة رجع وقام باحيائها واستثمارها. فان مجرد اسناد الغياب إليه، وكذا الخراب لا يدل على الاختيار.
فالنتيجة: ان النسبة بين الصحيحتين نسبة التباين، لا عموم وخصوص مطلق.
وثانيا: على فرض تسليم ان النسبة بينهما عموم مطلق، الا ان ما قيل: - من أن النتيجة بعد التخصيص هي: ان علاقة صاحب الأرض بأرضه تنقطع بسبب الخراب، إذا كان مستندا إلى اهماله وامتناعه عن القيام بحقها، ولا تنقطع إذا لم يكن مستندا إليه - لا يمكن اتمامه بدليل، وذلك لما عرفت سابقا من أن صحيحة معاوية لا تدل بوجه على انقطاع علاقة المالك عن ارضه بعد خرابها وإن كان مستندا إلى اهماله وامتناعه وانما تدل على أن علاقته بها لا تبقى بعد قيام غيره باحيائها، اما انها انقطعت بسبب ذلك، أو بسبب الخراب فالصحيحة لا تدل على شئ منهما.