وان شئت قلت: ان جواز التصرف فيها باحياء واستثمار فحسب لا يصلح ان يكون دليلا على انقطاع علاقة المالك عن أرضه، حيث قد عرفت انه لازم أعم بالإضافة إليه، بل الدليل عليه إنما هو ذلك الارتكاز القطعي لدى العرف والعقلاء الممتد زمنيا إلى عصور الأئمة الاطهار (ع) الكاشف عن الامضاء حيث لم يرد منهم (ع) ردع عنه، ومن هنا لا يترتبون العقلاء عليها آثار الملك.
وتؤكد ذلك صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال: من أصاب مالا أو بعيرا في فلاة من الأرض، قد كلت وقامت، وسيبها صاحبها مما لم يتبعه، فأخذها غيره، فأقام عليها وأنفق نفقته حتى أحياها من الكلال ومن الموت، فهي له، ولا سبيل له عليها، وإنما هي مثل الشئ المباح (1).
فان قوله (ع) وإنما هي مثل الشئ المباح علة لنفي السبيل وهذه العلة تنسجم مع ما ذكرناه من أن علاقة المالك عن ماله تنقطع بأعراضه ويصبح كالمباح.
فالنتيجة: ان الارتكاز المزبور بضم هذه الصحيحة دليل في المسألة.
هذا تمام ما أوردناه في المقام الأول.
وأما المقام الثاني وهو ما إذا كان السبب لعلاقة المالك بالأرض غير عملية الاحياء، كشراء أو ارث أو نحو ذلك، فقد نسب إلى المشهور انها لا تنقطع عنها بعد خرابها. وأما إذا كان سببها عملية الاحياء، فهي تنقطع بذلك.
ولكن قد تقدم الكلام في ذلك في ضمن الأبحاث السالفة بشكل موسع وقلنا هناك انه لا فرق بينهما في ذلك أصلا.