والنكتة فيه: ان صحيحة سليمان وإن كانت مطلقة في حد نفسها، إلا انها من ناحية ابتلائها بالمعارض قد سقط اطلاقها عن الاعتبار، ومن الطبيعي ان مع سقوط اطلاقها بذلك عن الاعتبار لا أثر لتقييده أصلا، لفرض ان المعارضة لا ترتفع به على أساس هذه النظرية، بل هي ظلت بحالها، ومعه لا محالة يكون التقييد لغوا محضا.
وعلى الجملة: فتقييد إطلاق المطلق بدليل إنما هو فيما إذا كان المطلق حجة باطلاقه في نفسه أي - بقطع النظر عن ورود دليل التقييد عليه - فان الموجب لذلك إنما هو وجود التنافي بين اطلاق المطلق، والدليل المقيد، وبعد حمله عليه وتقييده به يرتفع التنافي بينهما، فيظل المطلق حجة في الباقي، ويخرج عن تحته أفراد المقيد.
وأما إذا افترضنا: ان المطلق لا يكون حجة، لا في تمام مدلوله الاطلاقي، ولا في بعضه من جهة المعارضة أو نحوها، فلا معنى لتقييده بدليل، ولا موضوع له حينئذ.
وما نحن فيه من هذا القبيل، فان اطلاق صحيحة سليمان بما انه قد سقط عن الاعتبار نهائيا من جهة معارضته باطلاق صحيحة معاوية، فلا موضوع لتقييده بصحيحة الكابلي.
نعم لو قدم صحيحة سليمان على صحيحة معاوية من جهة الترجيح، فعندئذ لا مانع من تقييد إطلاقها بصحيحة الكابلي، ولكنه خلاف الفرض.
فالنتيجة: في نهاية المطاف ان هذا التقييد على ضوء نظرية انقلاب النسبة بمكان من الامكان. وأما على ضوء نظرية عدم انقلابها فلا موضوع له. وهذا هو نتيجة الاختلاف بين النظريتين.