الشهادة على الشهادة، لأنه إن كان الحق اثبات فعل كالقتل والاتلاف لم يثبت بشهادة الفرع، لأنه يحتاج إلى مشاهدة والفرع ما شاهد الفعل، وإن كان الحق عقدا افتقر إلى سماع ومشاهدة والفرع ما سمع وما شاهد، فلما أجمعنا على جواز الكل ثبت إن الفرع يثبت بشهادة الأصل بلا شبهة).
قال في الجواهر: فعلى الأول الذي هو مذهب الأصحاب يجوز أن يكون الأصل فرعا، لا على الثاني الذي احتمله في الدروس (أي بقوله: ولو قلنا يقومون مقام الأصل في اثبات الحق اشترط مغايرة الشهود. وهذا ضعفه الشيخ) لأنه لا يصح أن يكون نائبا عن نفسه وغيره، لأن قيامه يستدعي استغناءه عن الغير ونيابته تقتضي افتقاره فلا يجتمعان.
فأجاب رحمه الله عن قول الشافعي الذي احتمله في الدروس حتى على القول الثاني في مبني الخلاف، بقوله: (إذ قد يقال بكفاية التغاير الاعتباري عليه، نحو ما سمعته في اتحاد الموجب والقابل، والأمر سهل بعد وضوح الحال عندنا).
أقول: قد يقال: بأن حكم الحاكم بالقتل حيث يشهد شاهد أصل مع آخر على شهادة أصل آخر إن كان بشهادة الفرع، فالمفروض أن الشهادة هنا حاصلة من شاهد فرع واحد مع أحد الأصلين لا من شاهدي فرع، وإن كان بشهادة الأصل وشهادة الفرع مثبتة لها فالمفروض أن أحد الأصلين قد ثبت شهادته بفرع واحد، وقد تقدم اعتبار شاهدين اثنين.
ثم قال في الجواهر: لكن في الرياض بعد أن ذكر الاطلاق دليلا للأصحاب حاكيا له عن جمع قال: (وفي التمسك به لولا الاجماع نظر) فاعترضه بقوله (ولا أعرف وجه النظر الذي أضمره في نفسه، كما أني لم أعرف أحدا سبقه إلى ذلك). قلت: لا وجه له، اللهم إلا دعوى الانصراف ولا وجه لها.