ثم قال: وظني أن الشيخ يجتزئ لأصل الصحة بمجرد اظهار التوبة في تحققها المقتضي لاجراء الأحكام عليها، التي منها قبول الشهادة، للنصوص المستفيضة التي تقدم سابقا جملة منها في توبة القاذف، الدالة على قبول شهادة الفاسق إذا تاب، بل لا خلاف فيه في الظاهر. وفيه: أن التوبة لما كانت من الأمور القلبية، ضرورة كونها الندم والعزم، وهما معا قلبيان، واخباره بحصولهما لا دليل على الاجتزاء به، بل ظاهر الأدلة خلافه، فليس حينئذ إلا تعرفهما بالآثار الدالة على ذلك، نحو غيرهما من الأمور الباطنة، ولا يجدي أصل الصحة في حصول التوبة، ضرورة كون مورده الفعل المحقق في الخارج المشكوك في صحته وفساده، كالبيع والصلاة ونحوهما، لا الأفعال القلبية التي لم يعلم حصولها، كما هو واضح، وبذلك ظهر لك وجه البحث على أحسن وجه فتأمل).
في التوبة حكما وموضوعا وكيف كان فقد انقدح بما ذكرنا أن الفاسق لا تقبل شهادته، إلا أن يتوب عن المعصية، لكونها معصية، ولا بد من احراز الحاكم هذه التوبة إما بعلم وإما بحجة شرعية، هذا في المشتهر بالفسق، وأما غيره فتقبل شهادته وإن كانت توبته لقبولها، لأن المفروض كونه واجدا لملكة العدالة، وبالتوبة تعود تلك المكلة.
قالوا: وترك التوبة معصية صغيرة، ومع الاصرار على الترك تكون كبيرة، والوجه في ذلك أن العقاب يترتب بحكم العقل على مخالفة الأوامر والنواهي الإلهية، من جهة أن الخوف من العقاب يدعو إلى الامتثال والإطاعة، ولولا العقاب لما أطاع أكثر الناس، ولكن لا حكم للعقل باستحقاق العقاب على