على أن القيام ببعض المندوبات بل الواجبات قد يوجب ازراء الناس.
عدم انحصار القادح فيما ذكره المحقق قال في الجواهر: ثم لا يخفى عليك أن المصنف وغيره ممن تعرض لذكر بعض ما يقدح في العدالة، ليس غرضه حصر ذلك فيما ذكروه، ضرورة عدم انحصار الأمر فيما ذكره، لمعلومية حرمة أمور كثيرة لم يذكروها، كمعلومية كونها من الكبائر، بل قد ذكر في كتب الأخلاق أمور كثيرة تقتضي القدح في العدالة لم تذكر في كتب الأصحاب، مع أن فيها روايات كثيرة مشتملة على المبالغة في نفي الايمان معها، وقد ذكر الأردبيلي جملة منها ومن أخبارها.
أقول: إن الأمور القادحة في العدالة من الكثرة بحيث إذا جمعت مع أخبارها كانت كتابا ضخما، وإن من الأمور التي ذكرها المحقق الأردبيلي رحمه الله ما ليس بحرام في نفسه ما لم يقترن بفسق أو يؤدي إليه فلا يرتفع به العدالة، ولا ترد الشهادة، كعده (حب الرئاسة) منها، فإنه من الصفات القلبية، وليس من المحرمات في نفسه، إلا إذا تترتب عليه شئ منها في الخارج، فيقدح في العدالة، نعم من العسير جدا وجوده في القلب وجودا مجردا عن ترتب شئ من المحرمات، ومن هنا ورد الذم الشديد عليه، كالطمع والبخل والحسد وما شابه ذلك، وجاء الأمر بمعالجة ذلك كما ذكر في كتب الأخلاق، قال الله تعالى (فأما من آمن واتقى ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى).
وعلى الجملة فكل ما دخل من الصفات الرذيلة تحت الاختيار حدوثا أو بقاء توجه إليه الأمر والنهي، فإن خالف زالت عدالته وردت شهادته، وما لم يكن كذلك لم يكن وجوده أو استمراره مخلا بالعدالة وهذا هو القاعدة الكلية في المقام.