الصدر. أما إذا كان القدر المتيقن من المفهوم هو خصوص الحالة الثانية فلا يجب الاحتياط بترك الأولى. وما نحن فيه من هذا القبيل، فإن حكم بعض الأطراف معلوم، إذ قد عرفت القدر المتيقن في ماهية الغناء فإذا شك في حرمة الزائد جرت أصالة البراءة.
قال المحقق قدس سره: (ويحرم من الشعر ما تضمن كذبا، أو هجاء مؤمن أو تشبيبا بامرأة معروفة غير محللة. وما عداه مباح، والاكثار منه مكروه).
أقول: في العبارة أحكام:
حكم الشعر المتضمن للكذب الأول: كل كلام تضمن كذبا فهو حرام، وقائله فاسق ترد شهادته، لحرمة الكذب بالأدلة الأربعة من غير فرق بين الشعر وغيره، ولعل تخصيص الشعر بالذكر من جهة شيوع الأشعار المتضمنة للكذب، وأما الشعر المتضمن لخلاف الواقع من باب المبالغة أو الاغراق فلا يبعد عدم حرمته بل في المسالك الحكم بجوازه، قال: (وأما الشعر المشتمل على المدح والاطراء فما أمكن حمله على ضرب من المبالغة فهو جائز، إلا أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لفاطمة بنت قيس: أما معاوية فصعلوك لا مال له، وأما أبو جهم فلا يضع عصاه على عاتقه، ومعلوم أنه كان يضعها كثيرا، وإن لم يمكن حمله على المبالغة كان كذبا محضا كسائر أنواع الكذب. وربما قيل بعدم التحاقه بالكذب مطلقا، لأن الكاذب يري الكذب صدقا وير وجه، وليس غرض الشاعر أن يصدق في شعره، وإنما هو صناعة) ولو توقف حفظ نفس محترمة أو مال محترم على الكذب جاز، بل وجب.