نعم يمكن أن يقال بأن الحكمة طلب الستر مهما أمكن، والمحافظة على عدم الهتك، ولذا لو شهد ثلاثة وامتنع الرابع عنها حد الثلاثة.
وكيف كان فالدليل على اعتبار الأربعة رجال في الزنا قوله تعالى: ﴿والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء﴾ (١). وقال سبحانه: ﴿لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء﴾ (٢) وقال: ﴿فاستشهدوا عليهن أربعة منكم﴾ (3).
وقال سعد: (يا رسول الله: أرأيت لو وجدت مع امرأتي رجلا أمهله حتى آتي بأربعة شهداء؟ قال: نعم).
هذا كله في الزنا، وأما اللواط والسحق فليس في النصوص ما يدل عليه اعتبار الأربعة فيهما، نعم في اللواط: (حده حد الزنا) وكذا في السحق، بل في بعضها الرجم إلا أن الحكم مجمع عليه بين الأصحاب، قال في المسالك:
(فمن حقوق الله تعالى الزنا، وفي معناه: اللواط والسحق عندنا).
ما يثبت به اتيان البهائم قال المحقق: (وفي اتيان البهائم قولان أصحهما ثبوته بشاهدين).
أقول: قد نسب الجواهر مختار المحقق إلى الأشهر بل المشهور، وفي المسالك إلى الأكثر، واستدل للثاني بالأصل وكونه وطيا محرما في معنى الزنا ومشتملا على الهتك. وللأول باطلاق ما دل على الثبوت بهما، لأن الشارع جعل ثبوت الأحكام في غير الزنا بشاهدين، قال تعالى: واستشهدوا شهيدين من رجالكم. واتيان البهائم ليس بزنا ولا يوجب الحد، وبما ذكر ينقطع الأصل.