ثم قال رحمه الله: نعم قد يحتمل أن يراد في الآية بناء على إرادة من تلبس بالشهادة منها الإشارة إلى مضمون النصوص المستفيضة، وهو أن من دعي إلى تحمل الشهادة فتحملها وجب عليه إقامتها، ومن تحملها بلا استدعاء لم يجب عليه إقامتها إلا في صورة خاصة، وهي إذا علم الظلم، وحينئذ فيكون المعنى ولا يأب الشهداء عن أداء الشهادة إذا دعوا إلى تحملها وإلا فلا يجب، فيتوافق حينئذ مضمون النصوص المزبورة مع الآية.
قال: إلا أنه خلاف ما تقدم في النصوص الواردة في تفسيرها.
هل وجوب التحمل كفائي أو عيني؟
قال المحقق قدس سره (والوجوب على الكفاية، فلا يتعين إلا مع عدم غيره ممن يقوم بالتحمل) أقول: قد اختلف القائلون بوجوب التحمل على قولين، فالشيخ في المبسوط والنهاية والإسكافي والمحقق والعلامة والشهيدان وغيرهم على الكفائية والمفيد والحلبي والقاضي والديلمي وابن زهرة وغيرهم على العينية، وقد نسب صاحبا الرياض والجواهر القول الأول إلى كافة المتأخرين.
وقد استدل للأول في الجواهر بالأصل، وبأولوية التحمل بالكفائية من الأداء الذي ستعرف استفاضة الاجماع على كفائيته.
لكن ظاهر الآية الكريمة والأخبار هو الثاني كما اعترف به صاحب الرياض - الذي رجح الأول لاطباق المتأخرين عليه وبهذه الأدلة ينقطع الأصل.
على أن الأصل في الأوامر الشرعية هو الاشتغال، إذ الأصل في الواجبات هو النفسية والعينية والتعيينية، اللهم إلا أن يكون العمل مما لا يقبل التكرار كدفن الميت.