لو تعارض اليد والسماع المستفيض فأيهما المرجح؟
قال المحقق: (أما لو كان لواحد يد وللآخر سماع مستفيض فالوجه ترجيح اليد، لأن السماع يحتمل إضافة الاختصاص المطلق المحتمل للملك وغيره، فلا تزال اليد بالمحتمل).
أقول: هل المراد من (اليد) في هذه العبارة يد المدعي المجردة، أو البينة المستندة إلى اليد؟
قد تقرر أن للحاكم الحكم استنادا إلى الاستفاضة، وبدليل حجيتها يقيد اطلاق (إنما أقضي بينكم بالبينات والأيمان) فلو كان المحكوم عليه ذا يد تقدم قول المدعي الذي حكم له الحاكم استنادا إلى الاستفاضة، إذ اليد لا تقاوم حجة من الحجج، بل لو لم يكن للمدعي شئ أصلا أقسم الحاكم صاحب اليد، فإن نكل حكم عليه، وانتزعت العين من يده، وهذا يكشف عن أنه لا أثر لليد في مقابل الاستفاضة وغيرها من الحجج، ومنه يظهر أن مراد المحقق من (اليد) ليس اليد المجردة، بل المراد تعارض البينة المستندة إلى اليد مع البينة المستندة إلى الاستفاضة، وقد تقرر في كتاب القضاء تقدم الأولى على الثانية لأنها أقوى، من جهة اعتضادها باليد. هذا كله إن كان المراد بيان وظيفة الحاكم.
وإن كان المراد وظيفة الشاهد الذي يرى العين بيد واحد وقد شاع كونها لآخر، فلأيهما يشهد؟ هنا يمكن القول بأنه يشهد لصاحب اليد، لما ذكرنا من أن السيرة قائمة على الشهادة استنادا إلى الاستفاضة في حال عدم وجود ما يوهن الاستفاضة، فلو حصل سقطت الاستفاضة عن الحجية، فلا تعارض حتى يقال بترجيح اليد.
ومن هنا أيضا يظهر أن المراد من قوله (فالوجه ترجيح اليد) أن وظيفة الحاكم حينئذ ترجيح البينة المستندة إلى اليد على المستندة إلى الاستفاضة.