بحيث يساعده ظاهرها وينطبق على سائر الأدلة له مجال آخر.
والثالثة لو اشتبهت عليه المعصية فلم يعلم هل هي كبيرة أو صغيرة فإن مقتضى حكم العقل الاجتناب عنها، لأن العقل يحكم بلزوم معاملة كل معصية معاملة الكبيرة المؤاخذ عليها حتى لا يقع في المعصية الكبيرة في الواقع وذلك لأن البيان الشرعي على وجوب اجتناب الكبائر واصل، والعقل يرشد إلى الإطاعة والامتثال، فإذا خالف استحق العقاب، لعدم كونه من العقاب بلا بيان.
وهل يسقط عن العدالة بارتكاب المشكوك في كونها معصية كبيرة؟
ظاهر الآية: (إن تجتنبوا.) وجوب ترك ذات المعصية الكبيرة لا الترك بعنوان الكبيرة. ولكن إذا كانت العدالة هي الملكة، فإن الملكة تمنع من ارتكاب الكبيرة المعلوم كونها كبيرة، وعلى هذا فارتكاب المحتمل كونها كبيرة لا يضر بالعدالة.
الرابعة: إن تشخيص الكبيرة من غيرها لا يكون إلا بالأدلة من الكتاب والسنة المعتبرة، إذ لا سبيل لعقولنا إلى ذلك، لجهلنا بملاكات الأحكام ودرجات القبح في المحرمات. وقد اختلف علماؤنا في معنى (الكبيرة) على أقوال، وذكر الشيخ الأنصاري خمسة أمور يثبت بها كون المعصية كبيرة، لكن قال في الكفاية: (والأشهر الأقوى أن الكبيرة كل ذنب توعد عليه بالوعيد في الكتاب المجيد وفي حصره خلاف) قلت: قد عقد في الوسائل بابا لتعيين الكبائر التي يجب اجتنابها، ووردت الضابطة المذكورة في بعض تلك الأخبار، واشتمل بعضها على الاستشهاد بآيات الكتاب، ولنذكر واحدا منها تيمنا:
عن عبد العظيم الحسني عن أبي جعفر الثاني عن أبيه عن جده عليهم