لا أظنك أن تفهم من هذه العلية الإضافية المتأخرة من العلة والمعلول بل المراد الحيثية التي هي بها علة تامة فلا محالة قد علم المعلول أيضا علما تاما.
بل العلم التام بذوات الأسباب إنما يحصل من جهة العلم بأسبابها المتأدية إليها من الحيثية التي بها يحصل التأدية.
فكل من تعقل سببا تاما لمعلول ما أي بكنهه أو تعقله بوجهه الذي ينشأ منه المعلول فكذلك يعقل المعلول عقلا تاما فإن المعلول بعينه من لوازم ذات العلة التامة.
فالعلم التام بها يوجب العلم التام به بخلاف العكس فإن المعلول بما هو معلول إنما يستوجب علة واحدة لوجوده أية علة كانت لا علة معينة بعينها.
ومعلول الشيء لا يجب أن يكون معلوله بعينه بخلاف علته فإن علته يجب أن يكون علته بعينه.
فليس العلم التام بالمعلول يقتضي علما تاما بعلته والعلم بالعلة يفيد العلم بماهية المعلول وإنيته. والعلم بالمعلول لا يفيد إلا العلم بإنية العلة.
ولذلك أفضل البراهين وأوثقها وأحقها بإعطاء اليقين هو النمط اللمي.
إذا تمهد ذلك فنقول: لما ثبت كون الواجب تعالى عالما بذاته لزم كونه عالما بجميع الموجودات فإن ذاته علة موجبة لجميع ما عداه ومبدأ لفيضان كل إدراك حسيا كان أو عقليا. ومنشأ لكل ظهور ذهنيا كان أو عينيا إما بدون واسطة أو بواسطة هي منه.
والعلم التام بالعلة الموجبة يستلزم العلم التام بمعلولها.
فلزم كونه تعالى عالما بجميع المعلومات ألا يعلم من خلق و هو اللطيف الخبير.
وأما كيفية علمه بالأشياء بحيث لا يلزم منه الإيجاب ولا كونه فاعلا وقابلا وكثرة في ذاته بوجه تعالى عنه علوا كبيرا فاعلم أنها من أغمض المسائل الحكمية قل من يهتدي إليها سبيلا ولم يزل قدمه فيها حتى الشيخ الرئيس أبي علي بن سينا مع براعته وذكائه الذي لم يعدل به ذكاء والشيخ الإلهي صاحب الإشراق مع صفائه في الذهن وكثرة ارتياضه بالحكمة ومرتبة كشفه وغيرهما من الفائقين في العلم.
وإذا كان هذا حال