مسموعا أو متخيلا أو متوهما.
وكما أن المعلوم إذا كان وجوده الإدراكى في جسم أو جسماني كالمشاعر كان محسوسا لا معقولا لمصادفة عوارض غريبة وانفعالات مادية يمنع انطباعه لأعداد كثيرة.
وإذا كان في جوهر غير جسماني كان معقولا لا محسوسا لخلوه عما يمنعه عن مطابقة كثيرين.
كذلك كل قوة جسمانية تدرك صورة فتلك الصورة لا محالة تحل مادتها إذ لو كانت تحلها مجردة عن المادة لكان لتلك القوة قوام ووجود دون المادة فلم يكن جسمانية هذا خلف.
فحينئذ لا يخلو الصورة مما يوجب محسوسيتها وعدم انطباقها للكثرة.
وكل جوهر قدسي تدرك صورة تدركها معقولة غير ممتنعة الاشتراك لعدم المادة وسلاسلها وأغلالها.
فقد تحقق بما ذكرناه أن مدار العاقلية والمعقولية على كون الشيء مجردا بالكلية عن المادة.
ومدار الحاسية والمحسوسية على كون الشيء متعلقا بها نوع تعلق وإن كان مدار الإدراك مطلقا على تجريد ما.
لكن التعقل إنما يكون بتجريد تام ونزع محكم.
وسائر الإدراكات الحسية بتجريدات ناقصة متفاوتة المراتب. والدليل عليه أنه لو لم يحدث في الحاس أثر من المحسوس لاستوى حالتاه قبل الإحساس وبعده ولو لم يكن مناسبا له لما كان أثرا منه فلم يكن حصول ذلك الأثر في الحاسة إحساسا له فلا محالة يكون صورته متجردة عن المادة وإن كانت مع غشاوة ما من كم وكيف ووضع ومتى.
فإن قلت: لم صار الوضع إذا قارن الجسم صيره مشارا إليه محسوسا وإذا قارن الجوهر العاقل لم يصيره كذلك قلت: لأنه إذا قارن الجسم أو الجسماني أثر فيه كما ذكرنا وإذا قارن المدرك لم يؤثر فيه إذ لو كان مؤثرا لكان يعدم المدرك عند رفعه كما أن المتخيل لا يخلو من اقتران عوارض غريبة مؤثرة فيه حتى لو ارتفعت عنه لم يكن متخيلا.
والمعقول لا يأبى كونه معقولا عن تجرده عن العوارض واقترانه بها لعدم تأثيرها فيه.
الثالثة أن ما ذكرناه من التجريدات إنما يكون في العلوم الصورية وليس من