وقد يطلق العلم على نفس حصول شيء عند القوة المدركة أو ارتسامه فيها وهو المعنى الإضافي الانتزاعي الذي يشتق منه العالم والمعلوم وأمثالهما.
والعلم بالمعنى الأول لا ينحصر اندراجه في مقولة الكيف كما توهم وإن صدقت هي عليه إذا كان انطباعيآ صدقا عرضيا لا تمنعه بل قد يكون مندرجا تحت غيرها من أمهات العوالي وقد لا يكون مندرجا تحتها أصلا لا بالذات كأنواع الحقائق المتأصلة ولا بالعرض كالفصول البسيطة لها وهو علم الأول تعالى بذاته إذ هو عين ذاته كما سيظهر.
وقد سبق منا الكلام في أن كليات الجواهر كيف يكون جواهر مع أنها موجودة في الذهن المستغني القوام عنها. فتذكره.
المقدمة الثانية أن الشيء إما أن يكون مقارنا لأمور غريبة عن ماهيته مقارنة مؤثرة منه كمقارنة.
الإنسانية في الخارج للوضع والمقدار وغير ذلك فإنه لو انفكت عنها لانعدمت. أو مقارنة غير مؤثرة كمقارنة السواد للحركة حيث لا يرتفع أحدهما برفع الآخر.
وإما أن يكون مجردا عما سواه من الأغشية واللبوسات كالإنسانية المطلقة المطابقة لأفرادها المتفاوتة في العظم والصغر المختلفة في الوضع والأين والمتى.
ولو لم تكن الإنسانية الذهنية مجردة عن مقدار خاص ووضع خاص لما طابقت الكثيرين المختلفين فيهما.
وكل حقيقة يلحقها أمر غريب عن ذاتها فإنما يلحقها لا لذاتها بل لحيثية استعدادية تلحقها وإلا لم يتخلف عنها.
وجميع جهات القوة والاستعداد ينتهي بالذات إلى المادة الجسمية كما حققنا في موضعه.
كيف ولو يلحقها لما هي لاستوى استحقاق أشخاص الماهية بحسبها له.
والعلم عبارة عن امتياز الشيء عن غيره بوجه.
فكل ما هو مخلوط بغيره ما دام كونه مخلوطا بغيره لا يكون معلوما بل يكون مجهولا.
فالمعلوم إما مجرد عما سواه أو عما يقارنه مقارنة مؤثرة وإما مخالط بغيره مخالطة مؤثرة:
الأول يمسى معقولا يمكن حمله على الكثرة المختلفة في اللواحق المتساوي في نسبتها إليه لخلوه عن الملابس كالعريان يتلبس بأي ثوب اتفق ولا يأباه.
والثاني يسمى محسوسا سواء كان مبصرا أو ملموسا أو مشموما أو مذوقآ أو