وفي الوضع مطابقة وفي الإضافة مناسبة.
أما في الموضوع كالحلو والأبيض واحد أي هما محمولا شيء واحد هو السكر مثلا وإنما شرف كل موجود لغلبة الوحدة فيه وإن لم يخل موجود ما عن وحدة ما حتى أن العشرة في عشريته واحدة.
وكل ما هو أبعد من الكثرة فهو أشرف وأكمل.
وحيثما ارتقى العدد إلى أكثر نزلت نسبة الوحدة إليه إلى أقل.
فالأحق بالوحدة الحقيقية بل الوحدة الحقة التي هي ذات الواحد بما هو واحد هو ما لا ينقسم أصلا لا في الكم ولا في الحد ولا بالقوة ولا بالفعل ولا ينفصل وجوده عن ماهيته.
وسائر الأشياء مستفيدة الوحدة منه إذ له تلك بالذات ولها بالغير. لا بل هو الواحد فقط ووحدة سائر الأشياء بالارتباط إلى وحدته الحقة على ما بيناه في نسبة الوجود إليها.
فحينئذ نقول: واجب الوجود تعالى لا يوصف بشيء من أنحاء الوحدة الغير الحقيقية فلا شريك له في شيء من المعاني والمفهومات بالحقيقة. وإذ لا جنس له فلا مجانس له وإذ لا نوع له فلا مشاكل له.
وسيظهر لك نفي الصفات الزائدة الحقيقية على ذاته تعالى.
فإذن لا يوصف بكيف فيشابه ولا بكم فيساوي ولا بوضع فيطابق. وإضافته إلى الأشياء كما سبق وسيتضح له زيادة إيضاح ليست إلا القيومية الإيجابية لها التي لا يوجد في غيره تعالى.
فلا يناسبه شيء أصلا فالمناسبات التي يثبتونها بعض المتصوفة في حقه تعالى كلها أوهام مضلة.
فما أبعد من توهم من هؤلاء أن نسبته تعالى إلى جميع العالم كنسبة نفوسنا إلى أبداننا.
كيف ونسبة النفس إلى بدنها ليست نسبة العلة إلى المعلول فإن نفس الناطقة وإن كانت مجردة ذاتا لكنها كالقوة الجسمانية في التأثير. بمعنى أنها لا يحصل أثرها إلا في موضوع جسماني ذي وضع.
فلا يظهر أثرها في مجرد ولا يوجد جسما بمادته وصورته.
وأيضا التعلق والارتباط الذي بين النفس والبدن تعلق وارتباط يوجب تأثر كل منهما عن صاحبه بوجه.