عند وفاته بل أنكر عليه معتذرا بأنه كان في حياته يمدح ملوك الفرس وهم كانوا من المجوس حتى يرى في المنام أنه يمشي في رياض الجنان بصورة حسنة ووجه مضيء يتلألأ على رأسه وبدنه التاج والديباج فلما سأل عن سبب حاله قال:
فقد رحم علي وغفر لي الرحمن وأسكنني في غرف الجنان لأجل بيت واحدة من شاهنامج قلت في توحيده وهو قوله:
جهان را بلندى وپستى تويى * ندانم چه اى هر چه هستى تويى يعني أن كله الوجود. وهو كل الوجود. وهذه الحكاية مشهورة وقد نظمها العطار وهي مما يدل دلالة واضحة على بقاء نفسه وحياتها في الآخرة.
ولا شبهة لنا في أن نفوس أهل المعرفة والإيمان بالله ورسوله والأئمة بعده ع حية حياة طيبة نورية لا يقاس إليها هذه الحياة الكثيفة الظلمانية.
ومما يطمئن به القلوب في هذا الباب أن كلما له تعلق بحضرة الجلال فإنه يبقى بحسب قوة ذلك التعلق وكلما له تعلق بعالم الجسم الهيولى فإنه يكون سريع الدثور والفناء فالنفس الناطقة إذا أشرقت بنور المعرفة وصارت عقلا بالفعل ويتقوى بتلك القوة التي لا نهاية لها وتعلقت بها وجب أن تبقى بقاء مصونا عن الفساد دائما بدوام العقول في المعاد.
وأما النفوس الهيولانية الساذجة والنفوس الجاهلة العنيدة التي كفرت بأنعم الله فليست لها تلك الحياة التي للسعداء وإنما لها نوعا آخر من الحياة بقدر قوتها وشعورها بذاتها وصفاتها وأفعالها التي هي مبادي لشقاوة نفوس الأشقياء على درجات متفاوتة وطبقات متعددة لا يعلم تفاصيلها إلا الله تعالى.
والأدلة النقلية في هذا الباب أكثر من أن تحصى منها قوله تعالى: و لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله...
وفيها حجج على قوام النفس الخيرة بذاتها وحياتها قبل القيامة الأولى كما في التفسير الكبير أن قوله: بل أحياء ظاهره يدل على كونهم أحياء حال نزولها فحملهم على أنهم سيصيرون أحياء عدول عن الظاهر