متحركا ساكنا حتى يصلح لها أن تقول مشيرة إلى ذاتها وجوهرها أنا سمعت وأبصرت واشتهيت وتحركت وسكنت بحسب الحقيقة اللغوية لا بالتجوز من غير لزوم تجسم وتكثف يعتريها بحسب ذاتها النقية الطاهرة من حيث هي هي من الأرجاس والأدناس والأقذار البدنية والجسمية وذلك لأجل علاقة طبيعية حاصلة بين النفس والبدن بحيث تحصل منهما نوع وحداني له حد حقيقي مركب من الجنس المأخوذ من البدن والفصل المأخوذ من النفس وهما جزءان محمولان باعتبار ما وهو أخذهما مطلقا لا بشرط على ذات واحدة.
ولتحقق هذه العلاقة الاتحادية يشير النفس إلى البدن بأنا كما يشير إلى ذاتها حتى أن أكثر الناس نسوا أنفسهم وظنوا أن هوياتهم هي البدن.
وهذه العلاقة ضعيفة بالإضافة إلى العلاقة التي هي بين الفاعل الحقيقي ومجعوله لأن تلك العلاقة ستنقطع بالموت الطبيعي أو الإرادي.
فإذا كان حال النفس معها هذه الحالة من الاتصاف بصفات البدن حقيقة لا مجازا مع أن صفات البدن ليست عن البدن فما ظنك بنفس تجردت بالكلية عن البدن وعن التعلق بغير الله تعالى واتصلت بالحق اتصالا معنويا لاهوتيا وقصرت النظر إلى ملاحظة الحق الأول وآثار قدرته وعلمه وإرادته وسمعه وبصره وفنت عن ذاتها وعن الالتفات إلى ذاتها إلا بوجه كونها أشعة وأضواء للنور القيومي فلا محالة يكون لها علاقة شديدة وارتباط متأكد يصحح أن يشير إلى مبدئها الحقيقي وجاعلها التام إشارة روحانية بأنا حين اضمحلال ذاتها وخرورها عند اندكاك جبل إنيتها وإلى صفاته الحقيقية التي هي عين ذاته تعالى من السمع والبصر والقدرة وغيرها بأنها سمعي وبصري وقدرتي فبه تعالى تبصر الأشياء وبه يسمع وبه يقدر كما وقع في الحديث القدسي: ما تقرب العبد إلي بشيء أفضل مما افترضت عليه ولا يزال يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي به