مفكرة بما يعمل في الصور والمعاني. ومتذكرة بما ينتهي إليه فعلها.
وإن له ترددا أيضا في أن الحافظة مع المتذكرة أعني المسترجعة لما غاب عن الحفظ من مخزونات الوهم قوتان أو قوة واحدة وذلك من بعض الظن.
أما الأول فلأن مراده من تلك العبارة المنقولة أن المبدأ الذي ينسب إليه التخيل والتفكر والحفظ والتذكر هو الوهم ولذلك جعله رئيسا حاكما في الحيوان. والقوى الحيوانية خدامه وأعوانه كما أن مبدأ الجميع في الإنسان شيء واحد وهو الناطقة والقوى جنوده ورعاياه.
وفي هذا سر آخر لوحنا إليه فيما مر. وهو أن كل عال من القوى المرتبة يحمل على سافلها والسافل مما يتقوم بالعالي.
وبرهانه مسطور في كتابنا الكبير في الحكمة الخاصة.
فالناطق لها نحو من الاتحاد بقواها البدنية لا ينافي تقدسها عنها باعتبار وجودها التجردي الذي هو غيب غيوبها.
فمن شبهها من غير تنزيه فعمى بصره اليمنى عن إدراكها فما عرفها حق معرفتها.
ومن جردها من غير تشبيه فنظر إليها بالعين العوراء فما رعاها حق رعايتها.
والكامل المحقق والبصير المدقق من لا يهمل أحد الجانبين ولا يتعطل عن إدراك مجموع النشأتين ويعرف سر العالمين ومجمع البحرين ومرآة الإقليمين.
وأما الثاني فالكلام الذي حملهم على إسناد ذلك الظن القبيح بمثله ما قاله في كتاب القانون بهذه العبارة:
وهاهنا موضع نظر فلسفي في أنه هل القوى الحافظة والمتذكرة والمسترجعة لما غاب عن الحفظ من مخزونات الوهم قوة واحدة أم قوتان ولكن ليس ذلك مما يلزم الطبيب.
ولا يخفى على أحد أن ما ذكره لا يدل على أنه شاك في أمر الحافظة والذاكرة بل