العالية والسافلة من البدن فما يصعد منه إلى معدن الدماغ على أيدي خوادم الشرائين معتدلا بتبريده فائضا إلى الأعضاء المدركة والمحركة منبثا في جميع البدن يسمى روحا نفسانيا وما يسفل منه إلى الكبد بأيدي سفراء الأوردة الذي هو مبدأ القوى النباتية منبثا في أعماق البدن يسمى روحا طبيعيا.
فالرئيس المطلق هو القلب ولو كان الدماغ غير آخذ منه بل مبدأ أول للروح كان كثير الحرارة مفتقرا إليها في التسخين والتلطيف فما كان باردا أولا اشتعل سريعا بانضمام الأفعال المسخنة من الحركات والانتقالات البدنية والفكرية.
وبذلك يظهر بطلان ما زعمه أفضل الأطباء جالينوس.
وبه حياة البدن من الواهب بواسطة النفس الناطقة فإن حياة هذه الروح نور النفس الإلهية المذكورة في القرآن والأخبار وإلا فهو جسم والجسم بما هو جسم ميت فحياته غير ذاتية بل عرضية منبعها النفس الحية بذاتها الآتية شرحها وتحقيقها.
فهذا الروح الحيواني هو المبدأ القريب لحياة البدن فكل موضع يفيض عليه من سلطان نوره يحيا وإلا فيموت.
واعتبر بالسدد فلو لا أن قوة الحس والحركة قائمة بهذا الجسم اللطيف لما كانت السدد تمنعها وقد يخدر العضو بالسدة بحيث لا يتألم بجرح وضرب وربما ينقطع الروح فيبطل الحياة منه ولو لا أنه شديد اللطافة لما نفذ في شباك العصب.
ومن أخذ بعض عروقه يحس مجرى جسم لطيف حار فيه وتراجعه عنه وهو الروح وهو في العالم الصغير الإنساني بمنزلة الجرم الفلكي في العالم الكبير.
والقوى الإدراكية والتحريكية التي فيه بمنزلة الملائكة السماوية وهو لغاية اعتداله يشبه الأفلاك الخالية عن الكيفيات المتضادة كما يقال إن الفاتر لا حار ولا بارد.
ولا يتوهمن أنه أحرما في البدن فكيف يكون معتدلا لأن حرارته تحقق اعتداله.
إذا الكلام في الاعتدال النوعي وحرارته بالقياس إلى باقي أعضاء البدن لا يناقض ما ادعيناه.
وأما الموضوع المختص بكل واحدة فيما سبق ذكره والمرشد إلى اختصاص كل قوة بألة تلازمها في الخلل والفساد والهادي إلى تعدد القوى بقاء بعض دون بعض لا كثرة