مثلا بفعل صورته من حر العنصر الحار وتزيل عنه شدة الحرارة وبالعكس. وكذا العنصر الرطب بالقياس إلى العنصر اليابس وبالعكس.
فيحصل من أفاعيل صورها وانفعالات موادها كيفية واحدة متوسطة بين أطراف الكيفيات المتخالفة متشابهة في أجزاء الممتزج وهي المزاج فيستعد المركب بسبب حدوث هذه الكيفية المتوسطة الخارجة من الأطراف المتضادة صورة كمالية أخرى لبعده عن التضاد الموجب للموت والفساد فيستفيد حياة ما على قدر توسطه وقربه من الأجسام الحسية الفلكية.
فإن الأفلاك لخلوها عن الكيفيات المتضادة يكون الحياة لها ذاتية إذ المبدأ الأعلى قائم بالجود والعطاء والقابل هناك في غاية التهيؤ والنقاء والبسائط العنصرية لكونها متضادة الكيفيات متفاسدتها يكون الموت لها ذاتيا.
وأما الممتزج منها من حيث اكتسابه كيفية متوسطة توسطا ما يقبل نوعا من الحياة فإن لم يمعن في التوسط وهدم جانب الأطراف فيقبل من المبدإ الفياض نوعا ضعيفا من الحياة كالحياة النباتية وذلك بعد أن يستوفي الطبيعة درجات الآثار العلوية التي هي أولي الحوادث العنصرية من السحب والأدخنة والمطر والثلج والطل والصعيق والرعد والبرق والصاعقة ثم درجات المعادن والجمادات من الزيبق واليشم والبلور والزاج والملح والزرنيخ والنوشادر وما يتولد منها من الأجسام السبعة المتطرقة وغيرها كاليواقيت إلى أن يصل إلى درجات استعداد الصور النباتية. فأعطاها الجرم السماوي التهيؤ لقبول النفس النباتية إما منه كما ذهب إليه الطبيعيون أو من العقل الفعال كما يراه الحكماء الإلهيون أو من الحق الأول باستخدامها كما نطق به الصديقون وأهل التنزيل. فيحدث في الجسم النباتي قوة التغذية وهي قوة من شأنها إيراد البدل على البدن شبيها به بتغييرها تغيير المشبه إليه وإلصاقها إياه بالبدن لينجبر بذلك ما يتحلل عنه فيسلم بقاء الشخص ويخدمها القوة الجاذبة لهذا الشيء القابل للتشبه وهو الغذاء والهاضمة لها حتى يصير متحللا بسرعة إلى قبول فعل