انقضت نوبته وتمت سلسلته بل إنما صدرت من جود الواهب بواسطة استعداد القابل وما به الاستعداد هاهنا ذات القابل بذاتها لا بصور تلحقها بها صارت مستعدة.
وقد علمت بأن لا ذات لها متخصصة ولا جوهرية متحصلة لكونها في ذاتها بالقوة من كل الجهات فيكون الصورة الأولى الفائضة عليها صورة عامة شاملة لجميع ما سيلحقها ويرد عليها لعدم تحصل قابلها أصلا.
والصورة الحادثة بعدها الحاصلة بسبب تهيؤ المادة الأولى بها يجب أن يكون أخس الصورة الكائنة ما خلا الصورة الأولى وإن كانت أشرف منها قليلا إذ الأولى حدثت في مادة قابلة محضة بلا تخصص والثانية حدثت في مادة متخصصة الاستعداد فيكون أشرف منها قليلا وأخس عما سواها. (مما سواها خ ل) وبهذه النسبة يحدث التوالي للأخس فالأخس إلى الأشرف فالأشرف حتى ينتهي إلى صورة شبيهة بالمبادي العالية والعقول الفعالة في الشرف والبراءة.
والموجودات ابتدأت فكانت عقلا ثم نفسا ثم صورة ثم مادة فعادت متعاكسة كأنها دارت على نفسها جسما متصورا ثم نباتا ثم حيوانا ثم إنسانا ذا عقل.
فابتدأ الوجود من العقل وانتهى إلى العقل بعد ما نزل إلى رتبة في غاية النزول إذ علة الشرف والتميز هي الدنو من العلي العزيز.
ففي البدء كل ما تقدم كان أوفر اختصاصا وفي العود كل ما تأخر فهو أقرب إلى أن يجد من الهيولى خلاصا.