المشائين من الحكماء.
واستشكل ذلك بعض الناس بأن القول باستناد صور الأعضاء إلى المصورة قول بحدوث الآلة قبل ذي الآلة وفعلها بنفسها من غير مستعمل إياها وهو ممتنع.
فأجيب عنه تارة بعدم تسليم حدوث النفس لجواز قدمها كما ذهب إليه بعض الفلاسفة.
وتارة بالقول بحدوثها قبل البدن كما هو رأي بعض المليين.
وتارة بعدم جعل المصورة من قوى نفس المولود بل بجعلها من قوى النفس النباتية المغايرة لها بالذات كما هو رأي البعض.
وتارة بتصييرها من قوى نفس الأم.
وشئ من هذه الوجوه لا يسمن ولا يغني. وهكذا اضطرب كلامهم في أن الجامع لأجزاء البدن المولود هل هو الحافظة لها أم لا. وفي أنه نفس المولود أم لا فذهب الإمام الرازي إلى أن الجامع لأجزاء النطفة نفس الأبوين ثم إنه يبقى ذلك المزاج في تدبير نفس الأم إلى أن يستعد لقبول نفس المولود ثم إنها يصير بعد حدوثها حافظة له وجامعة لسائر الأجزاء بطريق إيراد الغذاء.
ونقل الإمام في بعض رسائله المشتملة على أجوبة المسائل المسعودية أنه لما كتب بهمنيار إلى الشيخ وطالبه بالحجة على أن الجامع للعناصر في بدن الإنسان هو الحافظ لها قال الشيخ: كيف أبرهن على ما ليس فإن الجامع لأجزاء بدن الجنين نفس الوالدين والحافظ لذلك الاجتماع أولا القوة المحصورة لذلك البدن ثم النفس الناطقة.
وتلك القوة ليست واحدة في جميع الأحوال بل هي قوى متعاقبة بحسب الاستعدادات المختلفة لمادة الجنين.
وبالجملة فإن تلك المادة تبقى في تصرف المصورة إلى أن يحصل تمام الاستعداد لقبول النفس الناطقة فحينئذ يوجد النفس. هذا كلامه.
واعترض عليه العلامة الطوسي بأن ما نقله في تلك الرسالة عن الشيخ يخالف ما قاله في الفصل الثالث من المقالة الأولى من علم النفس في الشفاء وهو قوله: فالنفس التي لكل حيوان هي جامعة أسطقسات بدنه ومؤلفها ومركبها على نحو يصلح معه أن يكون بدنا لها وهي حافظة لهذا البدن على النظام الذي ينبغي.