وبأن تفويض التدبير من قوة كنفس الأم أو القوة المصورة على أحد القولين بعد مدة إلى قوة أخرى كنفس المولود غير معقول في الأفاعيل والتدابير الطبيعي وإنما يجري أمثال هذا بين فاعلين غير طبيعيين. يفعلان بإرادة متجددة وإن كانت المصورة مدبرة وهي للنفس بمنزلة الآلات فكيف خدمت النفس المصورة قبل حدوثها وكيف فعلت بذاتها بلا مستعمل إياها وهي آلة ثم أجاب عن أصل الإشكال بأن ما يقتضيه قواعد الحكمة التي أفادها الشيخ وغيره وهو أن نفس الأبوين يجمع بالقوة الجاذبة أجزاء غذائية ثم يجعلها أخلاطا وتفرز المولدة مادة المني ويجعلها مستعدة لقبول قوة من شأنها إعداد المادة وتصييرها إنسانا بالقوة ويصير يتزايد كمالا في الرحم بحسب استعدادات يكتسبها هناك إلى أن يصير مستعدا لقبول بتلك القوة منيا وتلك القوة تكون صورة حافظة لمزاج المني كالصور المعدنية. ثم إن المني يتزايد كمالا في الرحم بحسب استعدادات يكتسبها هناك إلى أن يصير مستعدا لقبول نفس أكمل تصدر عنها مع حفظ المادة الأفعال النباتية فيجذب الغذاء ويضيفها إلى تلك المادة فتنميها ويتكامل المادة بتربيتها إياها فيصير تلك الصورة مصدرا مع ما كان يصدر عنها لتلك الأفاعيل النباتية وهكذا إلى أن يصير مستعدا لقبول نفس أكمل يصدر عنها مع جميع ما تقدم الأفعال الحيوانية أيضا فيتم البدن ويتكامل إلى أن يصير مستعدا لقبول النفس الناطقة يصدر عنها مع جميع ما تقدم النطق وتبقى مدبرة للبدن حتى أن يحل الأجل.
وقد شبهوا تلك القوى في أفاعيلها من مبدأ حدوثها إلى استكمالها نفسا مجردة بحرارة تحدث في فحم من نار مشتعلة تجاوره ثم يشتد الحرارة النارية الحادثة في الفحم فيجمر فإن الفحم كتلك الصورة الحافظة واشتدادها كمبدأ الأفعال النباتية وتجمرها كمبدأ الأفعال الحيوانية واشتعالها نارا كالناطقة. فجميع هذه القوى كشيء واحد متوجه من حد ما من النقصان إلى حد ما من الكمال واسم النفس واقع منها على