الغاذية والماسكة حتى يتم فيها فعل الهاضمة لأن فعلها تحريك والحركة مما يلزمها امتداد زماني وانحفاظ للموضوع بقدر ذلك الامتداد والدافعة للفضل الذي لا يقبل التشبيه.
ويخدم هذه الأربعة الكيفيات الأربع فتخدم الحرارة في تحليل وتحريك والبرودة في إمساك وتسكين الرطوبة في ترقيق وتشكيل واليبوسة في تقويم وحفظ للتشكل.
للغاذية بخوادمها مخدوم يستخدمها وهي القوة النامية وهي التي من شأنها أن تتصرف في الغذاء والصائر غذاء بالفعل في تربية الجسم النباتي طولا وعرضا وعمقا على تناسب طبيعي إلى أن يبلغ إلى كماله في النشو فيقف عنده منتهى فعلها وتخلفها الغاذية في فعلها. ثم قوة أخرى فوقها هي المولدة المبقية للنوع وهي التي من شأنها أن تفرز أجزاء من فضلة الغذاء في تمام فعلها إذا حصل في الرحم.
واعلم أن المولدة كالغاذية وحدتها اعتبارية عند أكثر المحققين فهما بالحقيقة قوتان:
إحداهما ما يجعل فضلة الهضم الأخير منيا أو ما يجري مجراه والأخرى ما يهيىء كل جزء من أجزاء لقبول صورة مخصوصة.
وأولي القوتين مسماة كإحدى القوى الثلاث للغاذية بالمغيرة لوجود معنى التغير فيهما لكن اختصت هذه بالأولى وتلك بالثانية باعتبار بدن واحد.
وأما الثانية منهما فهي المصورة. ومن العلماء من أنكر المصورة تبعا للحكماء الإشراقيين حيث أحالوا استناد الأفاعيل المحكمة العجيبة إلى قوة عديمة الشعور ويوافقهم في ذلك الشيخ الغزالي حيث أسند أفاعيل هذه القوة بل جميع القوى إلى الملائكة الموكلة بصدور هذه الآثار. وتحقيق المقام ما أوردناه في بعض كتبنا المبسوطة.
وحاصله إثبات تلك القوة لي وجه يوافق كلا المذهبين ويرتفع به الخلاف من البين.
فإن إثباتها لا يوجب الاستغناء من إثبات الملك الموكل بفعل التصوير كما أن وجود ذلك الملك المتساوي النسبة إلى جزئيات الصور لا يكفي مئونة الحاجة إلى القوى الجزئية المخصصة للأشخاص فالقوة التي يهيئ المادة ويعدها لقبول