فيفيض عن ذاته بذاته وجود الأشياء وإذا فاضت عنه ترتب مراتبها وحصل لكل موجود قسطه من الوجود الذي يليق به وبمرتبته فيبتدي من أشرفها وجودا وأتمها جوهرية وهو العقول العالية والجواهر المتخلصة عن المواد بالكلية ثم يتلوه في الوجود ما يتلوه في الكمال والشرف كالنفوس المجردة الفلكية....
ثم الصور المنطبعة السماوية ثم الطبيعة العنصرية ثم الجسمية إلى أن ينتهي إلى الوجود الذي لا أخس منه ولا أنقص وهو الهيولى الأولى.
فينقطع هذه السلسلة النزولية عندها ولا يتخطى إلى ما دونها لعدم إمكانه فهي نهاية تدبير الأمر فإنه يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه فيفيض عنه بالامتزاج بين المواد الجسمية الصور النوعية للمركبات على مراتبها المتفاوتة في العروج بحسب ترقي الاستعدادات وتكاملها فلا يزال يترقى في الوجود من الأرذل إلى الأفضل حتى ينتهي إلى الأفضل الذي لا أفضل منه.
فأخسها المادة المشتركة والأفضل هاهنا الأسطقسات ثم المعدنيات ثم النبات ثم الحيوان الغير الناطق ثم الحيوان الناطق. وأفضله ما وصل إلى درجة العقل المستفاد فيه عاد الوجود إلى المبدإ الذي ابتدأ منه وارتقى إلى ذروة الكمال بعد أن هبط منها فعنده يقف ترتيب الوجود وبه يتصل دائرة الفيض والجود كما قيل نظما:
دو سر خط حلقه هستى * بحقيقت بهم تو پيوستى ثم لو نظرت متفكرا في صنع الله: وجدت أن كل ما وقع منه في مرتبة من مراتب الوجود الباديات لا يتصور ما هو أشرف من شخصه شخصا ولا من نوعه نوعا أما الأول فلوجوب انحصار كل نوع منها في شخص لعدم الامتياز هناك بالعوارض الحادثة