فإذا احتاج الشيء في التغير عما كان عليه بحسب صفة من صفاته كالأين والوضع وغيرهما الذي يقال له: الحركة الزمانية إلى مغير يغيره عن ذلك كما ثبت في موضعه؛ فبأن يحتاج في التغير عما كان عليه بحسب نفس ذاته من حيث هي إليه كان أولى وللقبول أحرى.
ثم إن كان ما يخرج من القوة إلى الفعل بوجه من الوجوه يحتاج إلى مخرج غير ذاته يخرجه منها إليه فيجب الانتهاء حينئذ إلى سبب ومخرج يكون بالفعل من جميع الوجوه لئلا يحتاج إلى مخرج آخر دفعا للدور أو التسلسل وهو الواجب الوجود بالذات وهو المطلوب.
تأييد وتنبيه قد عبر المعلم الأول في كتاب أثولوجيا عن الوجوب بالذات بالسكون وعن الوجوب بالغير بالحركة والوجه ما ذكرناه من أن موجودية الماهيات التي هي معان غير الوجود؛ لما كانت في مرتبة متأخرة عنها من حيث هي هي فكأنها انتقلت من ليسية إلى أيسية بخلاف الواجب بالذات فإنه موجود بجميع الاعتبارات في جميع المراتب فكأنه استقر على ما هو عليه.
وينقل عن بعض اليونانيين أنه قال: النفس جوهر شريف يشبه دائرة لا بعد لها ومركزها هو العقل وكذلك العقل دائرة استدارت على مركزها وهو الخير المطلق الأول فكل المجردات قد استدارت عليه وهو مركزها للتساوي نسبتها إليه انتهى ولا يخفى تأييده لما ذكرناه ومما تلي عليك؛ تبين لك: أن الممكن لا يخلو عن قوة سواء كانت قوته في مادته بحسب استعدادها في الواقع كالماديات أو في نفسه فقط كالمفارقات.
وفي الأول