هكذا فإما أن يتسلسل الأسباب إلى غير النهاية أو تنتهي إلى حادث يكون حدوثه ذاته وماهية به ينقطع السؤال عن لمية حدوثه. وما يكون الحدوث والتجدد عين ذاته وماهيته ليس إلا الحركة.
فمصحح حدوث الأكوان والأحداث العنصرية هي الحركات وليست الحركات العنصرية والمستقيمة علة لذلك التصحيح لأنها غير ضرورية الحصول لإمكان انقلابها إلى السكون.
فإن شيئا من الأجسام التي هي ذوات حركات مستقيمة ليس مما يلزمها الحركة لذاته من دون عارض بل الحركة إنما طرأت عليه من أمر خارج عن طبيعتها مفارق عنها.
فالحركة التي ينتهي إليها لمية وقوع الحوادث في أوقاتها المخصوصة لا بد وأن يكون أمرا لازما لا يرتفع وكل حركة مستقيمة فهي زائلة لا محالة إلى سكون ليتناهى الامتدادات والأبعاد ولتناهى قوة المحركات الإرادية الحيوانية في أفاعيلها وانفعالاتها كما بين في موضعه.
فتلك الحركة اللازمة لا بد وأن تكون مستديرة لأن غيرها لا يقبل الدوام.
ولا بد أيضا لتلك الحركة من موضع وحامل يكون وجوده كوجود محموله بأمر الله تعالى وإبداعه لاستحالة بقاء العرض بدون موضوعه فالجسم الذي هو محل هذه الحركة يجب أن يكون وجوده غير متعلق بزمان وحركة ولا ينفك عن الحركة بأن يوجد أولا ثم يتحرك وإلا ليعود المحذور.
بل يجب أن يوجد عن مبدعة متحركا ولهذا سمي هذا الجسم فلكا لاندراج الحركة في مفهومه.
وقد مر أن محدد جهات الحركات جسم مستدير الشكل.
وإذا ثبت أن منتهى حدوث الحوادث حركة مستديرة دائمة الاستمرار إلا ما شاء الله فليكن محله الجسم المحدد للجهات كما أن محموله مجدد الحركات وفاعله الذي هو العقل الفعال الذي هو مبدع ذوات المتحركات بإذن الله تعالى فسبحان من ربط الحدوث بالحدوث والثبات بالثبات.
وإن أردت زيادة توضيح في كون أجزاء هذه الحركة دورية وأزمنتها التي هي عددها مصحح حدوث الأشياء ومنشأ انقطاع السؤال بلم فانظر إلى هذا المثال: فإنك إذا قلت:
لم قبلت هذه الحبة المدفونة في الأرض القوة النباتية الآن ولم تكن قبلها من قبل وقد