عناصر وإلهيته للعالم أمر ذاتي لا يسنح له فيها سانح ولا يغيره منها مغير ولا يعوقه منها عائق ولا يتعلق فاعليته بداع خارج عن ذاته سواء كان إرادة حادثة أو وقتا أو حالة عارضة لأن ذلك كله يوجب الاستحالة والحركة ويؤدي إلى انفعاله عن قاهر يقهره وسلطان يعجزه تعالى الواجب القيوم مما يقوله الملحدون علوا كبيرا فهو عالم بالأشياء بعلم أزلي وقادر على ما يشاء بقدرة أزلية والحدوث والتجدد والتصرم والهلاك والفناء وغير ذلك من الآفات والعاهات إنما تنشأ من قصور الأشياء عن قبول فيضه وضيقها عن سعة رحمته وجوده فذاته بذاته فياض لم يزل ولا يزال بلا منع وتقتير وبخل على جري مستمر وسنة واحدة.
وقد بين أن الإبداع وهو تأييس شيء عن ليس مطلق أتم في الفاعلية من التكوين لمادة عارية تطلب باستعدادها كسوة الصورة والإحداث في زمان حال تتعطل فيه القوة الفاعلية عن فعلها.
فنقول: حدوث الحادث إما من لوازم ذاته وماهيته أو من عوارضه الممكنة الانفكاك.
أما القسم الأول فلا لمية لثبوته لذلك الحادث إلا إرادة الحق الأول المتعلق بذات ذلك الشيء بالجعل البسيط الإبداعي كما أن كون الإنسان جوهرا ناطقا لا لمية له إلا تعلق فعل الحق به على الوجه المذكور أي إفادة نفس حقيقته لا بصيرورة ذاته جوهرا وناطقا إذ ذاتي الشيء لا يعلل أصلا وكل عرض معلل.
وأما القسم الثاني فلا بد له من سبب مخصص لحدوثه في وقته الذي يوجد فيه وذلك السبب أيضا حادث معه. إذ لو كان موجودا من قبله فإنما لا يحدث معلوله هذا لافتقار ذلك السبب إلى مزيد حالة أو شريطة يستعد بها لإيجابه ذلك الحادث. إذ لو كانت ذاته كافية لما انفك عنه الأثر فإذن لا يحدث السبب بما هو سبب ما لم تحدث تلك الحالة الزائدة على ذاته. والسؤال في تلك الحالة لازم فيفتقر إلى سبب آخر و